عرفت أنّ ذلك ممّا يسلّمه شيخنا قدسسره ، فهو قدسسره لا ينكر أخصية الغرض وإنّما ينكر ما رتّبه صاحب الكفاية على ذلك من حكم العقل بلزوم تحصيل الغرض ، وحينئذ فلا مورد لهذا الإنكار في أصل التفرقة بين التعبدي والتوصلي بأخصية الغرض ، وإنّما هو متوجه على ما رتبه صاحب الكفاية على ذلك من حكم العقل بلزوم تحصيل الغرض ، وذلك هو ما أفاده بقوله في هذا التحرير : فحصولها وعدمها أجنبي عن المكلف ... إلخ (١).
وأمّا قوله قبل هذه العبارة : فيرد عليه أنّ الأفعال بالاضافة إلى المصالح كما ذكرناه في مبحث الصحيح والأعم من قبيل العلل المعدّة لا من قبيل الأسباب بالإضافة إلى مسبباتها ، فيستحيل أن تقع تحت التكليف والإلزام انتهى ، فهو إنّما يتوجّه على من يتوهم أنّ المصالح داخلة تحت التكليف الشرعي ، وصاحب الكفاية لا يقول بذلك وإنّما يقول بلزوم تحصيلها عقلا.
وبالجملة : أنّ هذه الجملة لا تتوجّه على التفرقة بينهما بحسب أخصية الغرض ، لأنّ هذا الفرق مسلّم عند شيخنا قدسسره ولا على ما رتبه صاحب الكفاية على ذلك من لزوم تحصيل الغرض ، لأنّه إنّما يقول بلزومه عقلا ، ولم يقل إنّه واجب شرعا ليتوجّه عليه أنّه خارج عن الاختيار ، لكون الفعل منّا بالنسبة إليه من المقدمات الاعدادية لا الأسباب التوليدية ، نعم يتوجّه على طريقة الكفاية ما أفاده بقوله : فحصولها وعدمها أجنبي عن المكلف ، من جهة أنّ حفظ المصالح ممّا يعود إلى الشارع لا إلى المكلفين ، فلاحظ وتأمل.
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٦٧.