آخر تحت حيّز ذلك الأمر بما أنه تحريك نحو الفعل.
وبالجملة : أن الأمر باعتبار كون العلة الغائية فيه هي تحريك المأمور وانبعاثه عن ذلك الأمر إلى الفعل ، يكون موجبا طبعا لتقيد ذلك الفعل بكونه صادرا بذلك البعث ، لأن ذلك أعني الانبعاث هو المراد للآمر من أمره بالإرادة القانونية المنبعثة عن شوقه إلى ذلك الفعل المعبّر عنه بالإرادة الواقعية التي هي عبارة عن العلم بالصلاح.
وبالجملة : أن ذلك الفعل الصادر بداع آخر غير داعي الأمر وإن كان على طبق الإرادة الواقعية ، لكنه لا من طريق الأمر الذي هو عبارة عن الإرادة التشريعية التي عليها المدار ، دون تلك الإرادة الواقعية التي انبعث عنها الأمر التشريعي التي قلنا إنها عين العلم بالصلاح ، وما مثال ذلك إلا كمن نادى زيدا فاتفق أنّ زيدا لم يسمع النداء لكنه خرج من الدار لبعض أشغاله ، فان هذا الخروج لم يكن محصّلا لما هو المراد بذلك النداء وإن حصل به المراد الأصلي بايجاد النداء.
وهذا نظير ما تقدم من الاستاذ قدسسره (١) من الاستدلال على اعتبار كون المتعلق صادرا بالإرادة ، وعدم الاكتفاء بما يصدر عنه سهوا أو غفلة أو في حال النوم ، بأن الأمر لمّا كان محرّكا لارادة العبد نحو المأمور به كان مقتضى ذلك اعتبار كون الفعل صادرا بالإرادة ، وعدم الاكتفاء بما يصدر سهوا أو غفلة.
ويمكن الجواب عن هذا الإشكال : بأنه بعد فرض كون النظر إلى التحريك وإلى إرادة العبد نظرا آليا ، وأنّ المنظور إليه استقلالا إنّما هو نفس
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٥٣ ـ ١٥٤ ، وقد تقدمت الحاشية على ذلك في صفحة : ٣٧٥.