وللشيخ قدسسره (١) في أخذ الاجرة على المستحبات عبارة لا يمكن تفسيرها إلا بما ذكرناه من أن الفعل المستحب المأتي به بداعي الاجرة لا يكون مصداقا للمستحب ، فان كان عباديا بطلت الإجارة عليه وإلا كانت الإجارة عليه صحيحة ، غايته أنّه لا يكون الفعل مصداقا للمأمور به بما أنه مستحب فراجعه.
ثم إنّ لازم ذلك هو عدم الاكتفاء في صحة العبادة بالإتيان بها للمصلحة أو لغير ذلك من الدواعي الالهية غير الراجعة إلى داعي الأمر كما هو مذهب صاحب الجواهر قدسسره (٢) ، ولا بعد فيه فانّ الداعي هو الغاية المترتبة على الفعل ، فالعبد ينبعث عن الأمر لأجل ما يترتب على ذلك من الامتثال ، وإنّما يريد الامتثال لأجل ما يترتب عليه من الثواب أو الفرار من العقاب إلى غير ذلك من الدواعي ، أمّا لو كان قصده نفس الثواب أو نفس المصلحة بلا توسط الامتثال فلا يبعد الحكم ببطلان عمله ، ولو دل الدليل على صحته لزم الحكم بذلك ، لكنه خارج عن مقتضى نفس الأمر من الانبعاث عن الأمر ، وكونه هو الداعي بمعنى ما يترتب عليه من الحصول على عنوان الامتثال ، إذ لا معنى للداعي إلا العلة الغائية ، ويستحيل كون الأمر نفسه هو العلة الغائية وإنّما العلة الغائية هي امتثاله ، ولأجل ذلك نقول إن الأمر محدث للداعي لا أنه بنفسه هو الداعي إلا بنحو من التسامح ، كما أن المصلحة أو الثواب أو الفرار من العقاب لو كانت مترتبة على الامتثال لا على نفس الفعل كان من المحال قصدها وجعلها غاية للفعل نفسه بلا توسط الامتثال.
__________________
(١) المكاسب ٢ : ١٤٣ وما بعدها.
(٢) جواهر الكلام ٩ : ١٥٥ وما بعدها.