المتعلق بالاغتسال متمما للجعل الأوّل ، ويكون نتيجته نتيجة التقييد ، لا أنه موجب للتقييد ويكون حاله حال ما نحن فيه.
ولكن على هذا الوجه الثاني يتجه إشكال الكفاية (١) أو نظيره بأن يقال : لو أن المكلف عصى الأمر بالاغتسال لم يبق عنده إلاّ الأمر بالصوم المفروض كونه غير مقيد بالطهارة ، فيصوم بلا طهارة ، ولا يكون عاصيا إلاّ أمر الاغتسال ، وهذا مما لا يمكن الالتزام به.
إذا عرفت ذلك فنقول فيما نحن فيه : إن الأمر الأوّل المتعلق بذات الصلاة إن كانت الصلاة فيه هي الصلاة الخاصة التي قلنا إنها عين التوأمية مع القيد ، لم يحتج إلى جعل ثان ، بل يكفي البيان المتأخر على ذلك ليكون من قبيل القرينة المنفصلة ، وإن كانت تلك الصلاة التي تعلق بها الأمر الأوّل مطلقة ، بمعنى الاطلاق الذاتي لا اللحاظي الذي هو محال ، ثم تممه بالجعل الثاني المتمم للجعل الأوّل ، ويكون الجعل الثاني منتجا نتيجة التقييد في متعلق الجعل الأوّل ، لأن المكلف إذا امتثل كلا من الأمرين يحصل المولى على صلاة مقارنة لداعي الأمر ، من غير أن يدخل هذا القيد تحت أمره الأوّل ، اتجه إشكال صاحب الكفاية من أنه لو عصى الأمر الثاني كفاه في امتثال الأمر الأوّل الاتيان بذات الصلاة بلا داعي الأمر ، وإذا كان المراد هو الأوّل أعني كون متعلق الأمر الأوّل هو الذات الخاصة من الصلاة من دون دخول القيد تحت الأمر ، فقد عرفت أنه حينئذ لا يحتاج إلى الجعل الثاني ، وإنما يحتاج إلى البيان المتأخر والقرينة المنفصلة ، وقد عرفت (٢) أن مسلك الكفاية لا بدّ من أن ينتهي إلى هذا الوجه ، وحينئذ يكون المسلكان متوافقين
__________________
(١) كفاية الاصول : ٧٤.
(٢) في صفحة : ٤٩٥ ـ ٤٩٦.