ولو ادعى مدع أن جميع موارد التمسك بالاطلاقات اللفظية من هذا القبيل ، أعني الأخذ بمقتضى الاطلاق الذاتي (١) حتى في مثل صلّ أو اعتق رقبة التي يكون القيد فيها وهو التحنك مثلا أو الايمان قابلا للتقييد اللحاظي وأخذه في متعلق الأمر أو في موضوعه ، ولا يتوقف على إحراز أن الآمر لاحظ طوري الصلاة في قوله صلّ ، يعني سواء كانت مع التحنك أو بدون التحنك ، أو لاحظ الرقبة بطوريها من الايمان وعدمه وعلّق العتق بها سواء كانت مؤمنة أو غير مؤمنة المعبّر عنه بالاطلاق اللحاظي ، بل يكفي فيه تعليق الأمر على نفس الطبيعة غير ملاحظ فيها خصوصية التحنك أو عدمه أو خصوصية الايمان أو عدمه. هذا حال التمسك بالأصل اللفظي في قبال احتمال اعتبار داعي الأمر ولو بنحو متمم الجعل.
أما الأصل العملي فهو البراءة كما أفاده شيخنا قدسسره (٢) وهي فيه أسهل من البراءة في مسألة الأقل والأكثر ، لأن الشك فيما نحن فيه متعلق بمجعول شرعي مستقل ، فلا تأتي فيه شبهة العلم الاجمالي المردد بين الأقل والأكثر الارتباطيين ، ليكون جريانها متوقفا على الانحلال لينسدّ فيه باب البراءة العقلية وينحصر بباب البراءة الشرعية ، ويتكلف الوجه في كونها موجبة لانحلال العلم الاجمالي المردد بين الأقل والأكثر مع فرض الارتباطية ، وبناء على ذلك يكون ما نحن فيه قابلا لجريان البراءة العقلية كقابليته للبراءة الشرعية ، وهذا بخلاف تلك المسألة فانها عنده لا تجري فيها إلاّ البراءة الشرعية.
__________________
(١) [ لا يخفى أنه لم يذكر الجواب عن قوله « ولو ادعى مدع ... » فالأنسب إضافة : « لكان صحيحا » ونحو ذلك ].
(٢) أجود التقريرات ١ : ١٧٦.