ولا يخفى أن لازم كون الفعل عاما كون الظرف متضمنا له ، ولازم كون الظرف متضمنا له كون حذفه وجوبيا ، ولأجل ذلك قال الشيخ الرضي في مبحث كون الخبر ظرفا : وينبغي أن يكون ذلك العامل من الأفعال العامة أي ممّا لا يخلو منه فعل نحو كائن وحاصل ليكون الظرف دالا عليه ـ إلى أن قال ـ ولا يجوز عند الجمهور إظهار هذا العامل أصلا ، لقيام القرينة على تعيينه وسدّ الظرف مسدّه كما يجيء في لو لا زيد لكان كذا ، فلا يقال زيد كائن في الدار.
وقال ابن جنّي بجوازه ، ولا شاهد له ، وأمّا قوله تعالى ( فلّما رءاه مستقرا عنده )(١) فمعناه ساكنا غير متحرك وليس بمعنى كائنا ، وكذا حال الظرف في ثلاثة مواضع أخر : الصلة والصفة والحال ، وفيما عدا المواضع الأربعة لا يتعلق الظرف والجار إلا بملفوظ ... إلخ (٢).
أما كونه متضمنا لمقولة من المقولات أو كونه متمما لمقولة من المقولات فذلك أمر آخر لا أظن النحويين ناظرين إليه.
ثم إن الظاهر أن الظرف في مثل ضربت في الدار أيضا مقولة مستقلة وهي مقولة الأين ، غايته أنه وقع أينا للفعل أعني الحدث لا للجوهر ، بخلاف زيد في الدار فإنه وقع أينا للذات أعني زيد.
ثم لا يخفى أن مثل من وعن ونحوهما يقع ظرفا مستقرا باصطلاح النحويين مثل قولنا هذا من ذاك ونحو ذلك وإن لم يكن مقولة من المقولات ، وكذلك اللام تقول هذا المال لزيد ونحو ذلك.
ثم لا يخفى أن حصر الأين في مثل زيد في الدار ، وجعل مثل
__________________
(١) النمل ٢٧ : ٤٠.
(٢) شرح الرضي على الكافية ١ : ٢٤٤ ـ ٢٤٥.