بمعنى الشوق والذي هو كيف نفساني حادث وعارض على الذات ، فإرادته ليست حالة منتظرة كما انّها ليست متخلّقة عن تصوّر الشيء الملائم كما هو الحال في الإرادة الإنسانية.
وأورد المحقّق النائيني رحمهالله على تفسير الإرادة بهذا المعنى بأنّه من خلط المفهوم بالمصداق ، إذ انّ البحث في المقام عن مفهوم الإرادة وعن اتّصاف المولى جلّ وعلا بها ، ومن الواضح انّ صفات الله جلّ وعلا متغايرة وليس أحدها عين الآخر ، فالقدرة غير العلم كما انّها غير الحياة كما انّ العلم غير الإرادة ، فلكلّ واحدة منها معنى مستقل عن الآخر ، غايته انّ مطابق هذه الصفات واحد ، إذ انّ صفات الله تعالى عين ذاته ، فهو كما قيل « قدرة كلّه وحياة كلّه وإرادة كلّه وعلم كلّه » فهو بسيط من تمام الجهات فليس كل واحدة من هذه الصفات يمثل جزء ذاته أو انّ صفاته زائدة على ذاته فهو صرف الوجود وصرف القدرة وصرف الإرادة وهكذا ، إلاّ انّ العينية في الخارج لا يعني اتحاد هذه الصفات مفهوما ، ومن هنا لا تصح دعوى انّ الإرادة هي العلم بالنظام الاصلح.
المعنى الثاني : وهو الذي تبنّاه المحقّق النائيني رحمهالله وادعى انّه مبنى أكابر الفلاسفة ، وحاصله :
انّ الإرادة الالهية تعني الابتهاج والعشق والرضا بذاته تعالى ، وذلك لأنّ ذاته أتم وأكمل مدرك ، فذاته حينما تدرك ذاته فإنّه تمام الإدراك لأتم مدرك ، فهي كل الخير والكمال والبهاء والجمال ، وهذا ما يقتضي ابتهاج الذات المقدّسة بذاتها ـ تقدّست وجلّت ـ ، ثم انّ ذلك يستوجب ابتهاجها بما يصدر عنها ، إذ انّ الذات المقدسة لمّا كانت في أعلى مراتب الكمال فما يصدر عنها يكون مسانخا لكمالها ، وهو تعالى لمّا كان مبتهجا بكمال ذاته يكون مبتهجا بآثارها وهو