للفرد المردد ما يشخصه واقعا وفي نفس الأمر ، وهذا ما أوجب نعته بالمردد ، فهو مجرّد من تمام المشخصات الزمانية والمكانية وغيرها. وهذا مستحيل أيضا ، لأنّ افتراض وجود الفرد المردد يساوق تشخصه ، لأنّ الشيء ما لم يتشخص لا يوجد.
المعنى الثالث : ان يكون التردد هو جهة التشخص للفرد المردد ، فكما انّ سائر الأفراد الموجودة لها ما يشخصها ويميزها فإنّ ما يشخص الفرد المردد ويميزه هو التردد ، وهذا ما لا نفهم له معنى محصلا ، إذ انّ التردد يباين التشخّص فكيف يكون ما به التشخّص مباينا للتشخص.
المعنى الرابع : ان يكون التردّد من جهة قابلية الفرد المردد للصدق على كثيرين ، وهذا المعنى ان كان المراد منه الكلي فهو معنى معقول لكنه غير مراد حتما ولو كان مرادا فهو من سوء التعبير ، وان كان المراد منه الجزئي بالحمل الشائع فهو مستحيل لأن الجزئي يمتنع فرض صدقه إلاّ على نفسه.
وبهذا اتضح انّ الفرد المردد الذي نبحث عن امكان جريان الاستصحاب في مورده ليس المقصود منه الفرد المردد واقعا ، وانّما هو الفرد المردد عند المكلّف المتشخّص في نفس الأمر والواقع.
وقد ذكروا له صورتين :
الصورة الاولى : هو القسم الثاني من استصحاب الكلّي ، وهو ما لو علم المكلف بتحقّق الكلّي بواسطة فرده إلاّ انّ هذا الفرد مردد بين فردين لو كان الاول لكان قد انتفى يقينا ، ولو كان الثاني فهو باق يقينا.
ومثاله ما لو علم المكلف بجامع الحدث بواسطة العلم بصدور إما حدث البول أو حدث الجنابة ، فلو كان الصادر عنه هو حدث البول فهو مرتفع يقينا ، وذلك لافتراض توضأ المكلّف بعد العلم بصدور جامع