القسم الثاني : ان يفترض تحقق العلم بوجود الكلّي في ضمن فرد غير متشخّص ـ فيكون الكلّي وكذلك الفرد محرز الوجود ، غايته انّ الفرد المحرز الوجود مجهول الهويّة ـ ثم بعد ذلك أحرزنا ارتفاع فرد معين إلاّ انّه وقع الشك من جهة انّ الفرد المنتفي هل هو الواقع في ضمن الكلي حتى ينتفي مع ارتفاعه الكلّي أو انّه لم يكن الواقع في ضمن الكلّي ، وهذا ما سبّب الشك في بقاء الكلّي.
ومثاله : ما لو علم المكلّف بصدور كلّي الحدث منه الاّ انّه لم يكن يعلم انّ الحدث الصادر عنه هل هو في ضمن حدث البول أو الجنابة ، ثم انّه لو توضأ بعد ذلك فلا محالة يقع الشك منه في بقاء كلّي الحدث ، إذ لو كان الحدث الذي صدر منه هو حدث البول فقد ارتفع يقينا ولو كان الحدث الصادر منه هو الجنابة فهو باق يقينا ، ولمّا لم يكن يعلم بهويّة الفرد الواقع في ضمن كلّي الحدث أوجب ذلك الشك في بقاء كلّي الحدث.
وبهذا يتضح انّ الذي يمكن استصحابه في هذا القسم هو الكلي فحسب ولكن شريطة ان يكون لاستصحابه أثر شرعي كما في المثال حيث انّ لاستصحاب جامع الحدث أثرا شرعيا وهو حرمة مس كتابة القرآن الكريم والدخول في الصلاة والطواف الواجب ، إذ ان ذلك من آثار كلّي الحدث الأعم من الأكبر والاصغر.
وأمّا استصحاب الجزئي فلا يمكن جريانه في هذا القسم ـ كما ذكرنا ـ وذلك لأن مورده مردد بين ما هو معلوم الارتفاع وهو حدث البول ـ كما في المثال ـ وبين ما هو مشكوك الحدوث وهو حدث الجنابة.
ومن هنا لا يمكن ترتيب الآثار المختصة بأحدهما ، فلا يمكن الحكم بحرمة المكث في المسجد والذي هو أثر