تصوّر وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة.
ومع عدم قبول هذه الدعوى يمكن اثبات وحدة القضية المتيقنة بواسطة النظر العرفي المسامحي والذي يرى انّ للزمان وجودا واحدا يبدأ بوجود أول آن من آناته وينتهي بآخر آن من آناته ، ونسبة كل آن من آناته لوجود الزمان نسبة الجزء الى الكل ، ولهذا يرى العرف انّ لهذا الكل « الزمان » حدوثا واستمرارا ثم زوالا وانتفاء ، فحدوث الزمان بحدوث أول آن منه واستمراره باستمرار آناته وانعدامه بانعدام آخر آناته ، فهذه الأوصاف الثلاثة عرضت موضوعا واحدا هو الزمان مما يعبّر عن انّ للزمان وجودا واحدا بحسب النظر العرفي.
والذي يؤكد هذه الدعوى ما نشاهده من تجزئة العرف للزمان الى قطعات كل قطعة يكون لها حدوث واستمرار وزوال ، كالنهار مثلا ، فإنّه يحدث بشروق الشمس ويستمر حتى سقوط قرص الشمس أو زوال الحمرة المشرقية ، وهذا ما يصحح استصحابه حينما يقع الشك في بقائه بعد اليقين بحدوثه ، إذ انّ المدار في صدق الوحدة بين القضية المتيقنة والقضية المشكوكة هو النظر العرفي كما هو المحقق عندهم.
ثم لا يخفى عليك انّ محلّ النزاع في صحة جريان استصحاب الزمان انّما هو فيما لو كان الأثر الشرعي مترتب على بقاء نفس الزمان ، أما لو كان مترتبا على عدمه فإنّه لم يقع خلاف في صحة جريان استصحاب العدم ، فوجوب أداء الظهرين مترتّب على عدم الغروب ، فلو وقع الشك في تحقق الغروب فإنّ بالإمكان استصحاب عدمه ، ومنه يترتّب وجوب الاداء ، إذ انّ موضوعه عدم الغروب وقد ثبت بواسطة الاستصحاب.
* * *