ومثاله : وجوب النفقة على الزوجة ، فإنّ هذا الوجوب ينحلّ الى وجوبات بعدد أفراد النفقة الممتدة في عمود الزمان ، فالزمان الواقع ظرفا للنفقة فردّ النفقة وحصّصها الى حصص طولية متعاقبة بتعاقب الزمن الى حين انتهاء أمد الزوجية « المقصود من الموضوع الاعم منه ومن المتعلّق ».
هذا النحو من الأحكام وان كانت الشبهة فيه حكمية كلية إلاّ انها خارجة عن محل النزاع ولا يصح القول بجريان الاستصحاب في موردها ، وذلك لأن الشك فيها دائما يكون مسبوقا بعدم اليقين ، ففي مثالنا لو كان موضوع وجوب النفقة مرددا بين الزوجة بنحو مطلق أو خصوص الزوجة الفقيرة ، فلو كانت الزوجة في أوّل الأمر فقيرة فإنّ الوجوبات المتعددة والمتعاقبة في عمود الزمان الى آخر يوم من الفقر لا مجال للشك فيها ، إذ انّها القدر المتقين من موضوع الوجوبات ، أمّا بعد الفقر فلا علم بالوجوب حتى يستصحب بعد الشك.
وبتعبير آخر : انّ الافراد الطولية للنفقة بعد الفقر لم يكن لنا علم بوجوبها ومعه لا مجال لاستصحابها ، إذ انّه متقوم باليقين السابق وهو منتف بحسب الفرض.
وبهذا يتضح عدم جريان الاستصحاب في الأحكام الكلية إذا كانت من قبيل ما ذكرناه ، ويتمحض محل النزاع بما اذا لم يكن الحكم انحلاليا ولم يكن الزمان الواقع ظرفا للموضوع موجبا لتحصيصه الى حصص طولية.
ومثاله : الماء المتغير بالنجاسة ، فإنّ الماء المتغير واحد برغم تمادي الزمان فهو لا يتعدد بسبب تعاقب الزمان فلا يكون الزمان موجبا لتفريده وتحصيصه الى حصص متعاقبة ، وبذلك يكون الحكم بالنجاسة الثابت