لانشغال المرآة بالصورة الاولى المقتضي لامتناع انطباع الصور الاخرى عليها ، نعم يمكن للمرآة ان تستوعب أكثر من صورة فيما لو كانت تلك الصور تمثل بمجموعها صورة واحدة ، وهكذا الحال بالنسبة للمعاني الحاضرة في النفس في عرض واحد إلاّ ان ذلك خروج عن محلّ النزاع ، إذ انّ المفترض هو استيعاب المعنى الاول للنفس ، إذ هو معنى الاستقلالية.
ومع اتضاح هذه المقدمة نقول : انّ معنى استعمال اللفظ في المعنى هو ايجاد المعنى واخطاره في نفس المخاطب ، فوظيفة اللفظ هي احضار المعنى المنطبع في نفس المتكلم وايجاده في نفس المخاطب. وهذا معناه انّ الملحوظ أولا وبالذات هو المعنى ولحاظ اللفظ انما هو لحاظ آلي يراد منه رسم الصورة الحاضرة في نفس المتكلم رسمها في نفس المخاطب ، واذا كان كذلك فالمعنى مستقطبا لتمام صفحة النفس ، إذ انّ هذا هو مقتضى الاستقلالية ، وعليه لا تكون النفس قادرة على استيعاب معنى استقلاليّ آخر ، وذلك لافتراض انشغالها بالمعنى الأول.
لا يقال بأن انشغال النفس بلحاظين عند استعمال اللفظ في المعنى أمر لا بدّ منه بدعوى انّ المعنى كما يكون ملحوظا عند الاستعمال كذلك اللفظ يكون ملحوظا عنده.
فإنّه يقال : انّ لحاظ اللفظ انّما هو لحاظ آلي تبعي ، ولذلك لا يجد المخاطب في نفسه عند استعمال المتكلم اللفظ في المعنى لا يجد إلاّ المعنى مما يعبّر عن انّ اللفظ يكون فانيا في المعنى ، فليس في البين سوى المعنى فهو الملحوظ أولا وبالذات.
هذا هو حاصل ما أفاده المحقق النائيني رحمهالله في تقريب القول بالاستحالة ، واذا تمّ ما أفاده فإنّ استحالة استعمال اللفظ في أكثر من