افتقار الاستعمال في المعنى المجازي الى وضع ثان ، إذ لا تنحفظ الطولية بينهما عندئذ ويكون استعمال اللفظ في المعنى الاول والمعنى الثاني استعمالا حقيقيا ، إلا ان يقال انّه قد يكون المراد من اناطة صحة الاستعمال بالوضع هو سنخ الوضع في المعنى الحقيقي ومع ذلك تنحفظ الطولية بين الوضعين بافتراض مئونة اضافية في الوضع الثاني يتميّز بها الوضع في المعنى المجازي عن الوضع في المعنى الحقيقي وتحتفظ بالطولية بينهما.
ومع تحرّر محلّ النزاع نقول : انّ في المقام اتجاهين :
الإتجاه الاول : هو اناطة صحة الاستعمال المجازي بالوضع ، وهذا الإتجاه هو المنسوب الى المشهور.
الاتجاه الثاني : هو انّ المرجع في تصحيح الاستعمال المجازي هو ما يستسيغه العرف بحسب طبعه وسليقته. واستحسانه عادة ما ينشأ عن التناسب بين المعنى الموضوع له اللفظ والمعنى المجازي الذي يراد استعمال اللفظ لإفادته.
وعليه فمتى ما استحسن العرف اطلاق لفظ على معنى باعتبار تناسبه مع المعنى الموضوع له اللفظ بنحو من أنحاء التناسب فهو كاف في تصحيح الاستعمال دون الحاجة لوضع الواضع أو لترخيصه ، بل لو رخّص الواضع في استعمال لفظ في معنى مجازي ولم يكن ذلك الاستعمال مستساغا بنظر العرف لمنافاته مع ما تقتضيه طبيعته وسليقته فإنّ ذلك لا يصحّح الاستعمال ، فالمناط اذن هو المذاق العرفي.
وهذا الإتجاه ذهب اليه جمع من الأعلام كصاحب الكفاية رحمهالله ، واستدلّ عليه بالوجدان. وأما الإتجاه الاول فقد ذكرت له مجموعة من المبرّرات أهمها :
دعوى انّ انتساب استعمال لفظي الى لغة لا يكون إلاّ بواسطة ما تقرّره