الآخر ، اذ يستحيل ان يجتمع المتضايفان من جهة واحدة على موضوع واحد ، فلا يعقل ان يكون شخص واحد أبا لآخر وابنا له ، فكذلك يستحيل ان يكون اللفظ مستعملا ومستعملا فيه ، فالكاشف لا يكون عين المنكشف والدال لا يكون عين المدلول ، ولذلك ذكرت توجيهات للتفصّي عن هذا المحذور في حالات استعمال اللفظ في شخصه ، كأن تقول : « زيد ثلاثي » وتقصد من لفظ زيد شخص ذلك اللفظ فقد يقال : انّ المستعمل والمستعمل فيه واحد وهو شخص لفظ زيد.
وببيان أبعد عن الإشكال : انّ المستعمل والمستعمل فيه من قبيل العلة والمعلول ، واذا كان كذلك فيستحيل افتراض ان يكون الشيء علة ومعلولا لنفسه ، فالعلة والمعلول وان كانا متضايفين إلاّ انّ العليّة تستبطن شيئا زائدا على ما يقتضيه التضايف وهو امتناع تصادقهما على شيء واحد حتى مع تعدد الاعتبار ، وهذا بخلاف ما يقتضيه التضايف فإنّه لا يقتضي أكثر من التغاير في حال اتحاد الجهة والاعتبار أما لو تعدّدت الجهة والاعتبار فلا مانع من تصادقهما على موضوع واحد ، نعم يبقى الكلام في أصل دعوى انّ العلاقة بينهما علاقة العلة والمعلول ، والسيد الصدر رحمهالله يدعي ذلك بلحاظ الوجود الذهني.
والظاهر انّ مراده من العلّية هي العلّية في مقام الكشف والدلالة وهو المستظهر من كلمات الأعلام « رضوان الله عليهم » ، والمنبّه على ذلك هو انّ الاستعمال متقوّم بقصد التفهيم ، فيكون اللفظ المستعمل هو العلة التي يتوسّل بها لتفهيم المعنى فيكون المعنى حينئذ هو المعلول.
وواضح انّ اللفظ المفهم للمعنى هو اللفظ المتصوّر للمتلقّي له وهذا هو معنى انّ العلية بلحاظ الوجود الذهني.