ومثال الصورة الثانية : هو انّ صحة الاغتسال ـ والذي هو أثر شرعي لإطلاق الماء ـ موضوع لحكم شرعي آخر وهو جواز الدخول في الصلاة والطواف ومس كتابة القرآن الكريم.
فهذه الاحكام جميعا لوازم شرعية لأثر المستصحب الشرعي والذي هو صحة الاغتسال ، والتعبّد ببقاء المستصحب تعبّد بثبوت لوازم آثاره الشرعية كما انّ التعبّد ببقائه مقتض للتعبّد بالاحكام المترتبة عليه ابتداء. وهذا المقدار لا إشكال فيه.
ومثال الصورة الثالثة : ما لو كان وجوب الصدقة مترتبا على العجز عن التكسب. فهنا نقول : لو كنا نعلم بوجود زيد قبل خمسين سنة ثم شككنا في بقائه على قيد الحياة ، وعندئذ لو استصحبنا حياته لكان الاستصحاب مقتضيا للتعبد ببقاء زيد الى هذه المدة ، وبقاء زيد الى هذه المدة يستلزم عادة عجزه عن التكسب ، فالعجز عن التكسب من اللوازم العادية للمستصحب ، فلو كان التعبّد ببقاء المستصحب تعبّدا بوجود اللوازم العادية فهذا معناه إحراز العجز عن التكسب بواسطة الاستصحاب وبذلك يتنقح موضوع الأثر الشرعي ، حيث افترضنا انّ موضوع وجوب الصدقة هو العجز عن التكسب وهو قد ثبت بواسطة التعبّد ببقاء زيد الى هذه المدة أي التعبّد بالملزوم.
فلو كان التعبّد بالملزوم تعبدا بلوازمه العادية والعقلية لكان معنى ذلك هو ترتّب الآثار الشرعية المترتبة على اللوازم العادية والعقلية ، وهذا هو معنى حجية الأصل المثبت والتي هي محل النزاع ، فالمراد من المثبت هو اللازم العقلي أو العادي للمستصحب ، والمراد من الأصل في المقام هو الاستصحاب والذي يقتضي التعبد ببقاء المستصحب في ظرف الشك.
ثم انّ هنا أمر لا بدّ من التنبيه عليه