مجرى لأصالة البراءة ، والثاني وهو الشك في المكلف به له صورتان ، فتارة يكون المكلّف به مما يمكن الاحتياط في مورده كما لو علم المكلف باشتغال ذمته بقضاء صلاة فائتة إلاّ انه شك في ماهية هذه الصلاة وهل هي صلاة المغرب أو صلاة العشاء ، وفي هذه الحالة يكون المجرى أصالة الاحتياط.
والصورة الثانية يكون الشك في المكلّف به مما لا يمكن الاحتياط في مورده ، كما لو علم المكلف بجامع التكليف الإلزامي في مورد من الموارد ولم يدر انّه الوجوب أو الحرمة ، فهنا لا يمكن الاحتياط ، لانه إن جاء بالفعل المشكوك فقد يكون ما فعله محرما وان تركه فقد يكون ما تركه واجبا ، وهذا ما يعبّر عنه بدوران الأمر بين المحذورين ، والجاري في هذه الصورة هو أصالة التخيير.
وتلاحظون انّ حالات الشك في الحكم الشرعي الواقعي لا تعدو هذه الموارد ، وتمام هذه الموارد مجرى لأحد الاصول الأربعة.
وذكر السيد الصدر رحمهالله انّ المنشأ لانحصار الاصول العملية في الاربعة المذكورة يتضح بملاحظة المراحل التاريخية التي مرّ بها الأصل العملي الى ان بلغ هذه المرحلة من النضوج والتبلور.
فقد كان الأصل العملي في مراحله الاولى مصنّفا ضمن الدليل العقلي حتى انّك تجد انّهم لم يستدلّوا على حجية الاستصحاب بالأخبار بل كان دليلهم عليه هو العقل. فهم حينما ذكروا انّ الاصول العملية هي هذه الأربعة لأنّ العقل بنظرهم يستقلّ بإدراك البراءة العقلية في مورد وبالاحتياط العقلي في مورد ثان وبالتخيير العقلي في مورد ثالث وبالاستصحاب في مورد رابع.
وأما مثل أصالة الطهارة فلا يحور العقل في إدراكها ، ولهذا لم تذكر في ضمن الاصول العملية ، إذ لو كانت من