فادعى انّ منشأ استفادة الشمولية والبدلية هو قرينة عقلية مطردة ، وهي انّ الطبيعة توجد بوجود أحد أفرادها إلاّ انّها لا تنعدم إلاّ بانعدام تمام أفرادها ، ولمّا كان الأمر يعني طلب ايجاد الطبيعة فهذا يقتضي البدلية ، إذ انّ الطبيعة تتحقق بايجاد فرد منها وهو معنى البدليّة. وأما النهي فلمّا كان المراد منه هو طلب اعدام الطبيعة فهذا لا يكون إلاّ بترك تمام أفرادها ، إذ انّ ايجاد فرد واحد منها يتنافى مع كون المطلوب هو اعدام الطبيعة ، إذ انّ ايجاد فرد منها معناه وجودها ، وهو خلف المطلوب ، والذي هو اعدام الطبيعة. وبهذه القرينة استفدنا الشمولية.
وهذا البيان وقع موقع القبول عند السيد الصدر رحمهالله إلاّ انّه استدرك عليه بأن ذلك انّما يناسب الشمولية والبدلية في مرحلة الامتثال ولا يناسب الشمولية والبدلية بلحاظ الحكم.
وبيان ذلك : انّ المكلّف حينما يتصدى لامتثال الحكم المجعول على الطبيعة يتحرّى ما هو المحقق للامتثال ، وهل انّ الامتثال يتحقق بايجاد فرد من أفراد الطبيعة أو باعدام فرد من أفرادها ، أو انّ الامتثال يتحقق بايجاد تمام أفراد الطبيعة وباعدام تمام أفرادها ، أو انّ الامتثال تارة يكون بالنحو الاول وتارة يكون بالنحو الثاني ، وهنا يأتي دور القرينة العقلية التي ذكرها الشيخ الآخوند رحمهالله.
أما حينما نبحث عما هو المجعول على المكلّف ، وهل المجعول هي أحكام متعددة بعدد أفراد الطبيعة بحيث يكون لكل حكم منها طاعة ومعصية مستقلة فيكون الإطلاق شموليا ، أو انّ المجعول هو حكم واحد بحيث لا يكون في البين إلاّ طاعة واحدة أو معصية واحدة فيكون الاطلاق بدليا. فإنّ الصحيح في هذا الفرض انّ الشمولية والبدلية تابعة لملاحظة الحكم ، فإن لوحظ الحكم مع موضوعه فالأصل