الاعتبار أيضا لزم التسلسل ، فلا بدّ وأن يكون الاعتبار وجودا حقيقيا من الوجودات الذهنية.
ويمكن تنظير ذلك بالتصوّر فإنّه غير المتصوّر ، فالمتصوّر مثلا هو مفهوم الإنسان وأما التصوّر فهو موجود واقعي حقيقي علاقته مع مفهوم الإنسان علاقة المظروف بظرفه ووعاء وجوده « التصور » هو الذهن ، وهكذا الكلام في الاعتبار فإنّه موجود حقيقي واقعي وعاء وجوده النفس وأما الوجودات الاعتبارية مثل الحرمة والوجوب فهي مظروفة للاعتبار والاعتبار هو وعاؤها وموطنها كما أفاد ذلك السيد الخوئي رحمهالله.
والمتحصّل انّ الاعتبار فعل نفساني يعني افتراض شيء لشيء أو افتراض انّ شيئا شيء ، والاول من قبيل جعل الحرمة على موضوع والثاني من قبيل تنزيل الشك منزلة اليقين ، والجامع بينهما هو عنوان الحكم ، فالاعتبار هو الحكم على الشيء وليس المقصود من الحكم هو الإنشاء اللفظي ، إذ ان ذلك هو المبرز للحكم والاعتبار ، وأما الاعتبار والحكم فهو فعل النفس الناشئ عن الإرادة والكراهة.
ولأنّ الاعتبار يعني الحكم والتقنيين فهذا يقتضي لزوم تصوّر الموضوع وتصوّر الحكم وتصوّر النسبة بينهما وتصوّر الفائدة المترتبة على النسبة ثم الإذعان والتصديق بتلك الفائدة وحينئذ ينشأ الحكم والاعتبار.
وليس من اعتبار إلاّ ويمرّ بهذه المراحل الذهنية وان كان اعتباطيا ، ومن هنا لا يلزم ان يكون الاعتبار ناشئا عن ملاكات واقعية أو لا أقل وهمية ـ كما يتفق للمقنن غير المعصوم ـ فالاعتبار ليس أكثر من افتراض يتفق صدوره من كل عاقل ملتفت أيّا كان غرضه ، ولهذا قيل انّ الاعتبار