والمعنى ، حيث نجد انّ اللفظ سبب لانخطار المعنى في الذهن ، ومن غير المعقول ان يكون هذا الانخطار قد نشأ جزافا ، فلا بدّ من منشأ سبّب انخلاق هذه العلاقة السببية الواقعية. ومن هنا تصدّت مجموعة من النظريات للكشف عمّا هو السر لهذه العلاقة. ومن هذه النظريات هي نظرية الاعتبار.
واجمال المراد منها هو انّ الواضع يعتبر اللفظ دالا على المعنى ، وهذا الاعتبار يحدث استيثاقا بين اللفظ والمعنى ينشأ عنه انخطار المعنى عند اطلاق اللفظ ، فالسرّ الذى نشأت عنه العلاقة بين اللفظ والمعنى هو اعتبار الواضع.
وهذا المقدار لا موقع للخلاف فيه بين أصحاب مسلك الاعتبار وانّما اختلفوا في كيفية الاعتبار الذي نشأت عنه العلاقة ، وهل هو اعتبار اللفظ علامة على المعنى أو هو اعتبار اللفظ وجودا تنزيليا للمعنى أو انّ الكيفية الاعتبارية هي انّ الواضع جعل اللفظ أداة لتفهيم المعنى. وتشترك هذه الكيفيات الثلاث في انّ المنشأ لحدوث العلاقة هي اعتبار الواضع وانّه لا وجود لها وراء اعتبار الواضع.
وكيف كان فهنا ثلاث نظريات متفرعة عن نظرية الاعتبار :
النظرية الاولى : هي انّ الواضع اعتبر الوضع علامة على المعنى ، فاللفظ ـ بحسب اعتبار الواضع ـ بمثابة العلامة الموضوعة على الطريق للتعبير عن انّه مغلق أو سالك ، غايته انّ الوضع في الثاني حقيقي خارجي والوضع اللغوي اعتباري وإلاّ فكلاهما مشتركان من جهة انّ العلامة وضعت للكشف عن ذي العلامة. ولمزيد من التوضيح راجع مسلك العلامية.
النظرية الثانية : هي انّ الواضع يعتبر اللفظ وجودا تنزيليا للمعنى ،