ينافي الاختيار عقابا وخطابا.
القول الثالث : انّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقابا ولكن ينافيه خطابا.
والمراد من عدم منافاة الامتناع للخطاب هو انّ الضرورة الناشئة عن مقدمات اختيارية لا تمنع من نهي أو أمر المكلّف عن الفعل الضروري أي غير المقدور ، وذلك لأنّ الضرورة نشأت عن الاختيار.
وأما المراد من منافاة الامتناع للخطاب فهو انّ الضرورة وعدم القدرة على الترك او الفعل تمنع من نهي المكلّف أو أمره وان كانت هذه الضرورة وعدم القدرة قد نشأت عن مقدمات اختيارية ، وذلك للغوية نهيه أو أمره بعد ان كان عاجزا عن الامتثال. فلا معنى لنهيه عن فعل لا يتمكن من تركه وان كان عدم تمكنه من الترك ناشئا عن اختياره.
فمنافاة الامتناع للخطاب انّما هو بسبب عبثية الخطاب ، وهذا ما يتنزّه عنه المولى جلّ وعلا.
والقول الاول منسوب الى أبي هاشم المعتزلي وما اليه المحقق القمي رحمهالله ، وأورد عليه السيد الخوئي رحمهالله : بأنّ الخطاب بالأمر أو النهي انّما يكون بغرض احداث الداعي في نفس المكلّف ، فمع افتراض عجز المكلّف عن الانبعاث عن الخطاب لا يكون ثمة معنى لإحداث الباعث في نفسه ، إذ لن ينحدث الداعي في النفس للانبعاث بعد افتراض عدم قدرة المكلّف على الامتثال ، فيكون الخطاب بالأمر أو النهي عبثيّا. وهذا لا يختلف الحال فيه بين العجز عن قاسر خارجي أو استناد العجز الى سوء الاختيار ، فإنّ عبثية الخطاب في كلا الفرضين منحفظة.
ثم أورد على هذا القول ايرادا نقضيا ، حاصله : انّه لو كان الخطاب