الخوئي رحمهالله بما حاصله : انّه لا ملازمة بين وقوع الحكم العقلي في سلسلة معلولات الحكم الشرعي وبين تعيّن الأمر به في الإرشادية ، إذ من الممكن ان يكون متعلّق الامر الصادر عن الشارع حكما عقليا واقعا في سلسلة معلولات الحكم الشرعي ويكون الأمر به مولويا بداعي البعث والتحريك كما هو الحال في حكم العقل بحسن الاحتياط فرغم انّه واقع في سلسلة معلولات الحكم الشرعي إلاّ انّه مع ذلك يمكن ان يكون الأمر به مولويا ، وذلك لأنّ مقدار ما يدركه العقل هو حسن الاحتياط وهذا لا يمنع عن ان يأمر الشارع بالاحتياط بنحو الوجوب الشرعي أو الاستحباب تحفّظا على أغراضه التي قد تفوت لو لا أمر الشارع مولويا بالاحتياط فالصحيح انّ ضابطة الأمر الإرشادي هو ما يلزم من افتراض مولويته محذور عقلي كما هو كذلك في الأمر بالطاعة.
القسم الثاني : ان يكون مدلول الأمر حكما من الأحكام الوضعية الشرعية. وهنا أيضا لا يكون الأمر مولويا ، إذ انّ قوام الأمر المولوي هو صدوره عن المولى بداعي البعث والتحريك نحو ايجاد متعلقه ، والأمر الكاشف عن الحكم الوضعي لا يكون كذلك ، إذ انّ الحكم الوضعي مجعول شرعي يعبّر عن اعتبار الشارع شيئا بقطع النظر عن اختيار المكلف ، وذلك مثل الطهارة والنجاسة والصحة والفساد وهكذا.
فلو كان مدلول الأمر حكما وضعيا فحينئذ يكون الأمر إرشاديا ، لانّ متعلّقه لا يكون مطلوبا من المكلف ايجاده ، وهذه هي القرينة على إرشادية الأمر والموجبة لصرفه عن الظهور في المولوية ، فكلّما كان مدلول الأمر مجعولا من المجعولات الشرعية الغير المقتضية لبعث المكلّف فهذا معناه انّ الأمر في موردها إرشادي.