وجود وجوبين متعلّقين بمتعلّق وموضوع واحد ، وأما البناء على التأكيد فهو يعني البناء على انّ الأمر الثاني يقتضي اشتداد مرتبة الوجوب.
ومع اتضاح مورد البحث نقول : انّ صاحب الكفاية رحمهالله ادعى وقوع التنافي بين ما هو مقتضى ظهور الصيغة وبين ما هو مقتضى اطلاق المادة ، فمقتضى ظهور الصيغة هو التأسيس ، أي انّ صيغة الأمر ظاهرة في تعلّق إرادة المولى اللزومية بايجاد متعلق الأمر ، ولا يختلف الحال في هذا الظهور بين أمر وأمر ، فكما انّ الاول ظاهر في ذلك فكذلك الثاني المتعقب للاول ، وهذا ما يستوجب ايجاد فردين من الطبيعة المأمور بها ، إذ انّ ظهور صيغة الأمر في التأسيس يكشف عن أن المولى قد تعلّقت إرادته بايجاد الطبيعة مرتين ، لأنّ هذا هو مقتضى التكرار بعد استظهار التأسيس من صيغة الأمر.
إلا انّ هذا الاستظهار يتنافى مع اطلاق المادة والتي هي الطبيعة الواقعة متعلقا للصيغة ، مثل الصلاة في قوله « صلّ » ، فإنّ مقتضى اطلاق المادة في الأمر الثاني وعدم التقييد بمثل « مرة اخرى » معناه اتحاد متعلّقي الأمرين وانّ إرادة المولى قد تعلّقت بايجاد الطبيعة في ضمن واحد من أفرادها.
إلاّ انّه مع هذا التنافي ـ بين ما هو مقتضى الظهور في الصيغة وما هو مقتضى اطلاق المادة ـ يكون المستظهر من هذا الفرض هو التأكيد فهو المنسبق من صيغة الأمر الثاني. وذلك لوجود خصوصية اقتضت ذلك وهي كون الصيغة الثانية مسبوقة بمثلها مع عدم اختصاص أحدهما بشرط أو سبب.
هذا هو حاصل ما أفاده صاحب الكفاية رحمهالله في المقام ، وعلّق السيد الصدر رحمهالله على ذلك بما حاصله : ان صيغة الأمر ليس لها دلالة على أكثر من الوجوب ، وانّ التأسيس والتأكيد