إلاّ انّ الصحيح عدم صلاحية هذه المحاولة لحلّ الإشكال ، وذلك لأنّ التعبّد بعلمية الأمارة انّما هو تعبّد بالعلة ، ونحتاج الى تعبّد آخر للمعلول ، إذ لا ملازمة بين التعبّدين ، ثم انّه لا معنى للتعبّد بالانحلال لأنّه لا ينتج التأمين عن الطرف الآخر ـ لو بقي الشك في مورده ـ بل لا بدّ من التأمين عنه بإجراء الأصل المؤمن وأما التعبّد بالانحلال وحده فغير كاف في التأمين عن الطرف الآخر ، واذا سلّم بلزوم إجراء الأصل المؤمن عن الطرف الذي لم يكن موردا للأمارة فإنّ التعبّد بالانحلال لا تبقى له فائدة ، إذ انّ التعبّد بالأمارة يقتضي رفع التعارض بين الاصول الجارية في أطراف العلم الإجمالي ، حيث انّ مورد الأمارة لا يكون مجرى للأصل المؤمن ، فيجري الأصل المؤمن في الطرف الآخر بدون معارض حتى لو لم يكن هناك تعبّد بالانحلال.
مثلا : لو علم اجمالا بنجاسة أحد الإنائين ثم قامت البيّنة على انّ النجاسة وقعت في الإناء الاول ، فحينئذ لا يجري الأصل المؤمن في مورد الأمارة وهو الطرف الاول ، وأما الطرف الثاني فيجري فيه الاصل المؤمن بلا معارض ، وعندئذ لا تكون ثمة فائدة من التعبّد بالانحلال ، لأنّ الطرف الآخر مجرى للأصل المؤمن على كلا تقدري القول بالتعبّد بالانحلال أو القول بعدم التعبّد بالانحلال.
نعم تكون للتعبّد بالانحلال فائدة لو بنينا على جواز ارتكاب الطرف الآخر دون إجراء الاصل المؤمن ، وهذا ما لا يمكن الالتزام به ، وذلك لأنّ الشك البدوي ما دام منحفظا في الطرف الآخر فإنّه لا يسع المكلّف ارتكابه دون مؤمن شرعي أو عقلي ، وذلك للاتفاق على انّ الشك إذا لم يكن مؤمنا عنه شرعا أو عقلا ـ ولو بقاعدة