القائم هو الامارة والتي هي علم تعبّدا فإنّ العلم الإجمالي ينحلّ تعبّدا للتعبّد بعلمية الأمارة أو الأصل التنزيلي ـ بناء على انّ المجعول فيه هو العلمية والطريقية ـ فالعلم الإجمالي وان كان لا يزول وجدانا بقيام الامارة إلاّ انّ التعبّد بعلميتها اقتضى تنزيل العلم الإجمالي منزلة المنحل.
فلو كنّا نعلم بنجاسة أحد الإنائين ثم قامت البينة على انّ النجاسة قد وقعت في الإناء الاول فإنّ ذلك لا يقتضي زوال العلم الإجمالي حقيقة إلاّ انّه لمّا كانت الأمارة منزلة منزلة العلم تعبّدا فإنّ هذا يقتضي التعبّد بزوال العلم الإجمالي.
هذا حاصل ما يستفاد من كلمات السيد الخوئي رحمهالله إلاّ انّ السيد الصدر رحمهالله لم يقبل بدعوى وجود انحلال تعبّدي ، وذلك لأنّ دليل الأمارة لو كان قد نزّل الأمارة منزلة العلم فإنّ هذا التنزيل لا يطال الانحلال ، وذلك لكونه أثرا تكوينيا للعلم ، وليس للشارع بما هو شارع التصرّف في الآثار التكوينية من حيث توسيع دائرتها أو تضييقها ، وأما لو كان دليل الأمارة مقتضيا لاعتبار الأمارة علما بنحو المجاز السكّاكي العقلي فإنّ الآثار المترتبة حينئذ انّما هي الآثار الاعتبارية لا الآثار الحقيقية التكوينية والتي منها الانحلال.
قد يقال : انّ المقصود من التعبّد بالانحلال هو انّ دليل الأمارة لمّا كان قد نزّل الامارة منزلة العلم أو اعتبرها علما فإنّ ذلك يقتضي التعبّد بآثارها ، فالانحلال الثابت بواسطة الأمارة انحلال تعبّدي لا انّه انحلال حقيقي تكويني تم بواسطة التعبّد بعلمية الأمارة ، فلا يقال حينئذ انّه أثر تكويني للعلم وليس للشارع التصرّف في الآثار التكوينية بل هو تعبّد بعلميّة الأمارة ، وهذا بنفسه يقتضي التعبّد بآثارها.