الضابطة للانحلال الحقيقي ، وهي انّ كل حالة نحرز معها زوال العلم بالجامع أو نحرز سرايته من الجامع الى أحد الأطراف فإنّ العلم الإجمالي ينتفي بذلك حقيقة وواقعا. فالتطبيق الاول والثاني أحرزنا فيهما سريان العلم من الجامع الى أحد أطرافه ، وفي التطبيق الثالث والرابع أحرزنا فيهما زوال العلم بالجامع.
وهنا أمر لا بدّ من التنبيه عليه : وهو انّه يشترط في الانحلال الحقيقي اتّحاد المعلوم بالتفصيل ـ في التطبيقات الثلاثة ـ مع المعلوم بالإجمال زمانا ، واتحاد متعلّق الشك ومتعلّق العلم الإجمالي زمانا في التطبيق الرابع.
وهذا واضح بأدنى تأمل ، إذ انّ سراية العلم بالجامع الى الطرف المعين في التطبيق الاول والثاني لا تتحقق لو كان المعلوم بالتفصيل متأخرا عن المعلوم بالإجمال ، إذ لا يمكن في هذه الحالة ان يكون المعلوم بالتفصيل مصداقا للمعلوم بالإجمال.
مثلا : لو كنا نعلم بنجاسة أحد الإنائين وانها وقعت في الساعة الاولى ثم علمنا بأنّ نجاسة وقعت في الإناء الاول ولكن في الساعة الثانية ، أي انّ وقوع النجاسة تمّ في الساعة الثانية.
فهنا لا ينحل العلم الإجمالي بالعلم التفصيلي ، وذلك لأنّ المعلوم في العلم الإجمالي غير المعلوم تفصيلا ، فليس المعلوم بالتفصيل مصداقا للمعلوم بالإجمال.
وأما عدم الانحلال في التطبيق الثالث ـ لو كان زمان المعلومين مختلفا ـ فلأنّ أحدهما غير الآخر. مثلا : لو علم المكلّف باشتغال ذمته باحدى صلاتين من يوم السبت ثم علم بعدم وجوب كلا الصلاتين من يوم الأحد.
فالمعلوم إجمالا هو وجوب أحد صلاتي يوم السبت ، وأما المعلوم تفصيلا فهو عدم وجوب كلا صلاتي يوم الأحد ، وحينئذ كيف يمكن انحلال