ولا إشكال كبرويا في لزوم الاعتناء بما يقتضيه القسم الاول من الانصراف ، كما لا إشكال في عدم تأثير الانصراف البدوي على الظهور في الإطلاق ، نعم وقع النزاع بين الأعلام في تحديد موارد الانصرافين ، فالنزاع إذن بين الأعلام صغروي.
ثم انّ تحديد موارد كل من الانصرافين يتم عادة بواسطة البحث عن مناشئ الانصراف ، وذلك لأنّ الانصراف وجداني لا يقع محلا للنزاع ، فتحديد مناشئ الانصراف هو الوسيلة التي يتوسل بها لغرض التعرّف على انّ الانصراف الوجداني هل هو من قبيل الانصراف الاول أو هو من قبيل الانصراف الثاني.
ولا بأس باستعراض بعض المناشئ المذكورة عند الأعلام لملاحظة ما تقتضيه من نحوي الانصراف.
المنشأ الاول : هو غلبة وجود بعض أفراد الطبيعة خارجا ، وهذه الغلبة لها مراتب ، فقد يكون ما يقابل الأفراد الغالبة موجودا ومألوفا أيضا ، وقد يكون ما يقابلها نادرا ، وقد يكون معدوما.
وواضح انّ المرتبة الاولى لا يكون الانصراف معها موجبا لاستقرار الظهور مع المنصرف اليه بل يبقى الظهور في الإطلاق على حاله ، وذلك لأنّ هذه المرتبة من الغلبة لم توجب نشوء علاقة بين اللفظ وبين الأفراد الغالبة ، بل يبقى اللفظ الدال على الطبيعة بمعناها السعي محتفظا بصلاحيته للدلالة عليها ، والعلاقة التي نشأت بواسطة الغلبة في الوجود انّما هو بين واقع الطبيعة وبين الأفراد الغالبة ، بمعنى انّ هذه الغلبة أوجبت انسا ذهنيا بين الأفراد الغالبة الوجود وبين واقع الطبيعة ، وهذا الانس الذهني ليس من الوثاقة والاستحكام بحيث يوجب التصرّف في دلالة لفظ