الدليل الاول بالثالث ثم لاحظنا العلاقة بين الدليل الاول ـ بعد التخصيص ـ وبين الدليل الثاني فإنّ النسبة بينهما سوف تنقلب وتصبح من العموم المطلق ، وذلك لأنّ النتيجة الحاصلة من ملاحظة العلاقة بين الدليل الاول والثالث هي استحباب إكرام الفقراء إلاّ أن يكونوا عدولا فإنّه يجب ، وهذا معناه انّ مفاد الدليل الاول هو استحباب اكرام الفقراء الفساق ، وحينئذ تكون نسبته الى الدليل الثاني هي العموم المطلق أي انّ الدليل الاول أخص مطلقا من الدليل الثاني ، إذ انّ مفاد الدليل الثاني هو حرمة اكرام الفساق ، فيكون حاصل الجمع بينهما هو حرمة إكرام الفساق إلاّ الفقراء منهم.
وبعد اتضاح المراد من انقلاب النسبة وما هو محل النزاع بين الاعلام نقول : انّ صاحب الكفاية رحمهالله ذهب الى عدم انقلاب النسبة وانّ الأدلة المتصدية لعلاج موضوع واحد تلاحظ في عرض واحد ويكون المتبع هو ما تقتضيه تلك النسبة الملحوظة في عرض واحد ، وذلك لعدم وجود ما يبرّر ملاحظة النسبة بين دليلين ثم ملاحظة أحد الدليلين بعد تخصيصه مثلا مع الدليل الثالث ، فإنّ الثابت بحسب ما تقتضيه طريقة أهل المحاورة هو ملاحظة الظهورات الاوليّة لتمام الأدلة في عرض واحد وانّ القرائن المنفصلة لا تهدم الظهور ، ولذلك التزم بأنّ العام حجة في الباقي.
وبيان ذلك : انّه حينما يرد دليل مفاده « استحباب النفقة على الأقرباء » و « حرمة النفقة على الفساق » و « وجوب النفقة على الأولاد الصغار » فأيّ مبرّر يقتضي تقديم ملاحظة الدليل الاول مع الدليل الثالث ومن ثم تخصيص الاول بالثالث ، ثم ملاحظة الاول بعد تخصيصه مع الثاني ، ولما ذا لا تلاحظ