مفاهيم متباينة في نفسها من جهة ، ومن جهة اخرى انّ المفاهيم الاسميّة مفاهيم استقلالية ومتقرّرة في عالم الذهن ، ومن هنا لا يتأتى للاسماء ايجادها بعد ان كانت اخطارية أي مستقلّة ومتقرّرة لا في موضوع.
وبتعبير أدق : انّها ليست من الوجودات الربطية حتى تتأهل للايجادية ، فلا بدّ لايجادها من معان ربطية تؤلف بين هذه المعاني المتباينة والمتقرّرة في نفسها في الذهن ، وهذا ما تتصدى المعاني الحرفية لايجاده.
ومن هنا كانت المعاني الحرفية ايجادية أي انها توجد الربط بين المفاهيم الاسمية المستقلة والمتباينة والتي يستحيل ان تنوجد بواسطة الاسماء والتي تتمحض وظيفتها في ابراز المعاني المستقلة المتباينة والفاقدة للرابط الذاتي فيما بينها ، فلا بدّ من وجود روابط بين هذه المعاني المستقلة ، وليس ثمة وجودات ربطية سوى ما ينخلق بواسطة المعاني الحرفية.
على انّ المعاني الحرفية ـ كما ذكرنا ـ يستحيل أن يكون لها نصيب من الوجود غير الوجود الربطي ، إذ لو افترضت استقلالية لكانت مفتقرة الى وجود ربطي وليس سوى الاسماء وقد افترضناها استقلالية. ومن هنا يتمحض وجودها بالوجود الربطي التعلّقي ، وهذا ما أهلها لايجاد الربط بين المعاني الاسميّة.
فكلمة « في » وضعت لإيجاد معنى ربطي بين الظرف ومظروفه ولولاها لما كانت بين المعنيين الاسميين المستقلين « الظرف والمظروف » أيّة رابطة ، وهكذا كلمة « من » إذ انّها وضعت لإيجاد الربط بين المبتدأ به والمبتدأ منه.
على انّ ذلك لا يختص بالمعاني الحرفية النسبية مثل « من ، في ، الباء » بل يشمل المعاني الحرفية غير النسبية