الجارية في ظرف الشك في التكليف الواقعي ، وبها تتحدّد الوظيفة العملية للمكلّف تجاه التكليف المشكوك دون ان يكون لها كشف عن الحكم الواقعي.
والوظيفة المقررة بواسطة البراءة هي السعة وعدم لزوم امتثال التكليف المشكوك. ومجرى هذا الاصل هو الشبهات البدوية الحكمية والموضوعية فمورد هذا الاصل هو الشك في التكليف لا الشك في المكلّف به إذ انّ الثاني مجرى لاصالة الاشتغال ، وسيأتي توضيح ذلك فيما بعد.
ثم انّ الشك في التكليف والذي هو مجرى لأصالة البراءة ـ أو قل هو موضوع لجريان هذا الاصل ـ يمكن تقسيمه الى ثمانية أقسام كما ذكر الشيخ الانصاري رحمهالله ، وذلك لأن الشك تارة يكون في الوجوب وعدمه ، وتارة يكون الشك في الحرمة وعدمها ، وكلّ واحد من القسمين ينقسم الى أقسام أربعة ، إذ انّ الشك في الوجوب وكذلك الشك في الحرمة تارة ينشأ عن فقدان الدليل وتارة ينشأ عن اجماله وثالثة ينشأ عن تعارض الأدلة وعدم وجود مرجّح لأحدهما على الآخر ، وقد يكون الشك ناشئا عن اشتباه الامور الخارجية.
وصاحب الكفاية رحمهالله استعاض عن تقسيم أنحاء الشك بإعطاء ضابطة عامة وهي انّ مجرى أصالة البراءة هو الشك في التكليف وهو يشمل تمام الأقسام المذكورة ، إلاّ انّه استثنى من هذه الاقسام قسما واحدا لم يرتض جريان البراءة في مورده ، وهو ما لو كان منشأ الشك هو تعارض النصين حيث يبني هو رحمهالله على انّ المرجع في حالات التعارض هو التخيير اعتمادا على مجموعة من الروايات.
وأما السيد الخوئي رحمهالله فأورد على الشيخ الانصاري رحمهالله بأنّ مجرى أصالة البراءة ليس منحصرا في هذه الأقسام