الاستنباط للإحكام الشرعية ، إذ انّ الاستنباط يعتمد أكثر ما يعتمد على النصوص الشرعية وما يستظهر من الفاظها ، فلو لم يكن التباني العقلائي جاريا على انّ ما هو المستظهر فعلا هو المستظهر في زمن النص لما كان لنا وسيلة اخرى للتعرّف على معظم الاحكام الشرعية.
فالتبادر مع انضمام أصالة الثبات في اللغة أمارة على انّ المعنى المتبادر من اللفظ هو المعنى الحقيقي للفظ.
وباتضاح المراد من التبادر نقول : انّه قد اورد على صلاحية التبادر للكشف عن الوضع بايراد مشهور حاصله : انّ التبادر ليس معلولا للوضع ولهذا لا يحصل التبادر للجاهل بالاوضاع اللغوية ، نعم هو معلول للعلم بالوضع ، وعليه فالتبادر الذي علة للعلم بالوضع هو معلول للعلم بالوضع ، وهذا هو الدور المحال ، إذ انّه متوقف ومتوقف عليه ، فهو متوقف على العلم بالوضع والعلم بالوضع متوقف عليه.
وقد اجيب عن هذا الإشكال بمجموعة من الاجوبة ، ومن أهمها ما أجاب به صاحب الكفاية رحمهالله عن هذا الاشكال ، وحاصله :
انّ الذي يتوقف عليه التبادر هو العلم الارتكازي والذي يجامع الغفلة ويكون مخبوء في ما وراء الشعور ، وينشأ عن الانس الحاصل من الممارسة الساذجة والغير الواعية لتفاصيل الاوضاع اللغوية ، فابن اللغة حينما يعيش في الاوساط اللغوية يكتسب منهم اللغة ، وتظلّ مختمرة في ذهنه دون ان يلتفت لتمام الحيثيات الموجبة لانفهام المعاني من ألفاظها وما هي سعة مداليل هذه الالفاظ ، وهذا هو المعبّر عنه بالعلم الارتكازي ، وهو المنشأ للتبادر.
وأمّا ما ينتجه التبادر ويتسبب في الكشف عنه هو العلم التفصيلي