المعنى المجازي.
والتبادر في اللغة يعني التسابق والتسارع ، والمقصود منه في المقام هو انسباق تصوّر المعنى من اللفظ بمجرّد اطلاق اللفظ بحيث يكون هذا المعنى هو المتصوّر الاول في الذهن دون بقية المعاني. وهذا الانسباق والتصور المتسارع للذهن لا يكون علامة الحقيقة إلاّ إذا استند الى حاقّ اللفظ بحيث لا تساهم في هذا الانسباق عوامل اخرى كالقرائن الحالية أو المقالية.
فإذا كان كذلك فإنّ التبادر يعبّر عن انّ اللفظ المستعمل في المعنى المتبادر حقيقة في ذلك المعنى أي يعبّر عن ان اللفظ قد وضع للدلالة على المعنى المتبادر ، إذ انّ العلقة بين اللفظ والمعنى لمّا لم تكن ذاتية فيتعين كونها جعليّة ، ولمّا لم تكن هناك عوامل شخصية نشأ عنها التبادر فيتعين أن يكون المنشأ للتبادر هو الوضع ، أي انّ التبادر معلول للوضع وبهذا يثبت انّ تبادر المعنى من اللفظ أمارة على ان اللفظ قد وضع للدلالة على ذلك المعنى.
إلاّ انّ مقدار ما يثبت بالتبادر ـ كما أفاد السيد الخوئي رحمهالله ـ هو انّ اللفظ حقيقة في المعنى المتبادر منه في زمان التبادر أمّا انّه حقيقة في المعنى المتبادر في الزمان السابق على التبادر فهذا ما لا يتكفل التبادر لاثباته ، فلا بدّ من التماس دليل آخر غير التبادر لاثبات ذلك.
ومن هنا يتمسك بأصالة الثبات في اللغة ـ المعبّر عنها بالاستصحاب القهقرائي ـ لإثبات انّ هذا اللفظ حقيقة في المعنى المتبادر. وهذا الاستصحاب والذي هو حجة في باب الظهورات فحسب مدركه البناء العقلائي القاضي بثبات اللغة وعدم تبدّل أوضاعها.
ولو كان بناء العقلاء وما عليه أهل المحاورة غير ذلك لانسدّ باب