الظاهر انه لم يقع خلاف بين الأعلام في اقتضاء ذلك للإجزاء ، واستدل صاحب الكفاية لذلك بما حاصله : انّ الإجزاء في هذه الموارد ضروري بمقتضى ما يستقل به العقل ، إذ لا معنى لبقاء الامر بعد انتفاء موضوعه بالإتيان بمتعلقه.
وأيّد السيد الخوئي رحمهالله ذلك بما حاصله : انّ عدم الإجزاء في هذه الموارد يلزم منه أحد لوازم ثلاثة على سبيل مانعة الخلو ، وجميعها باطلة ، وهي إما لزوم الخلف أو عدم إمكان الامتثال الى الابد أو يكون الامر بعد الامتثال مجردا عن الملاك.
وبيان ذلك : انّ الإتيان بالمأمور به محقق للغرض بلا ريب وإلا لما وقع متعلقا للأمر ، وحينئذ لو جاء المكلّف بالمأمور به وقلنا بعدم الإجزاء فهذا خلف تحقق الغرض به ، إذ انّ ذلك يقتضي كون الغرض أوسع من الامر فيكون المطلوب والغرض متعددين وهو خلف الفرض ، أو نقول انّ الغرض والمطلوب يتحققان بالاتيان بالمأمور به ومع ذلك يبقى الامر على حاله مقتضيا للبعث والتحريك ، وهذا لا معنى له إلا مع افتراض كون الأمر بلا مقتض وبلا ملاك ، إلاّ ان نقول انّ الامر مشتمل على الغرض وانه غير متعدد إلا انّ الامتثال الاول لا يقتضي الإجزاء ، وهذا أيضا مستحيل ، إذ ما هو الفرق بين الامتثال الاول والامتثال الثاني بعد توفرهما معا على تمام الأجزاء والشرائط المعتبرة ، فإذا كان الاول غير مجز فكذلك الثاني وهكذا الثالث وهذا يعني عدم امكان الامتثال الى الابد.
فالمتحصل انّ إجزاء الإتيان بالمأمور به عن أمره لم يقع محلا للنزاع إلا ممن لا يعتد بقوله.
المبحث الثاني : وهو إجزاء الإتيان بالمأمور به بالامر الاضطراري عن الامر الواقعي ، والبحث في هذه