والذي يحرز معه إدراك الواقع والتحفظ عليه. فالمراد من التبعيض في الاحتياط هو الإتيان بما يوجب الظن أو احتمال الموافقة للواقع ، فهو معنى آخر للامتثال الإجمالي الاحتمالي والامتثال الإجمالي الظني ، فلو كان للمكلّف علم اجمالي بالنجاسة وكانت دائرة أطرافه خمسة ، فلو ترك تمام الاطراف فهذا هو الاحتياط التام ولو ترك بعضها فهو تبعيض في الاحتياط.
ولو كانت هناك شبهات تحريمية متعددة وشبهات وجوبية متعددة فاحتاط في بعضها وترك البعض الآخر فهذا تبعيض في الاحتياط بلحاظ مجموع الشبهات واحتياط تام بالنسبة للشبهات التي رتب الأثر عليها.
ولا ريب في لزوم الاحتياط التام في الشبهات المقرونة بالعلم الاجمالي في ظرف انفتاح باب العلم والعلمي ، وكذلك لا ريب في عدم وجوب الاحتياط في الشبهات البدوية على خلاف في الشبهات التحريمية الحكمية. انّما الكلام فيما لو افترض انسداد باب العلم والعلمي ، وقد تحدثنا في محلّه عن الاحتياط التام ، وأما الاحتياط الناقص والذي هو التبعيض في الاحتياط فهل هو لازم لو افترض الانسداد أو جائز أو محرم؟
وقع الخلاف بين الاعلام في ذلك ، فمنهم من ذهب الى حرمة التبعيض في الاحتياط ، وذلك بدعوى قيام الإجماع على انّ الامتثال الإجمالي غير سائغ شرعا ، هذا أولا ، وثانيا ان الامتثال الإجمالي لا يمكن معه قصد الوجه المعتبر في العبادات.
وأجاب السيد الخوئي رحمهالله عن هذه الدعوى بأنّها غير مسلّمة ، وذلك لانّ هذه المسألة مستحدثة على ان هذا الإجماع مبتل باحتمال المدركية ، إذ لعل مدركه هو البناء على لزوم قصد الوجه في العبادات ، فلا يكون اجماعا تعبديا.