موضوع مستقل لها ولم تقع طرفا في المعارضة حتى يستوجب ذلك سقوطها عن الحجيّة بالمرجح الصدوري ، فالرجوع للمرجح الصدوري لا يوجب التبعيض في السند بل هو موجب للتبعيض في الحجيّة ، باعتبار انّ موضوعها المدلول فيكون معنى الرجوع للمرجح الصدوري هو اثبات الحجيّة لمدلول دون مدلول.
ونبّه على ذلك بمجموعة من الامثلة ، منها : انّه لو قامت البيّنة على انّ ما في يد زيد من عشرة دراهم هي لعمرو ، ثم قامت بيّنة اخرى على انّ خمسة منها لخالد ، فإنّه لا ريب في انّ الخمسة الاولى من الدراهم تكون لعمرو ، وما ذلك إلاّ لأنّ الحجيّة الثابتة للبيّنة ثابتة لمدلولاتها كل مدلول على حدة ، بمعنى ان كل مدلول يكون موضوعا مستقلا للحجية ، ولمّا لم تكن الخمسة الاولى طرفا في المعارضة فإنّه لا مانع من ثبوت حجيّة البينة لها دون الخمسة الاخرى الواقعة طرفا في المعارضة.
وبهذا يتضح وجه الاحتمال الرابع من انّه لا مانع من الرجوع للمرجحات الصدوريّة في مادة الاجتماع ، ولا يلزم من ذلك التبعيض في السند.
ويتضح أيضا مما ذكرناه الفرق بين التبعيض في الحجيّة من حيث المدلولات التضمنيّة وبينه من حيث المدلولات الالتزامية ، فإنّ الاول لا مانع عنه ، أما الثاني فيمكن المنع عنه باعتبار تبعية الدلالة الالتزامية للمطابقية ثبوتا وانتفاء ، فالمدلولات التضمنيّة لا يتصل أحدها بالآخر ، إذ ليس أحدها منتجا للآخر ، بخلاف المدلول الالتزامي فإنّ منشأه هو المدلول المطابقي ، ولهذا يمكن ان يقال بأن سقوط المدلول المطابقي موجبا لسقوط المدلول الالتزامي.