بحيث يكون مساهما في توليد الحكم لا الكشف عنه ـ كما هو في القطع الطريقي ـ فإنّ التجرّي لا يكون حينئذ متصورا حتى مع انكشاف منافاة القطع للواقع.
فلو قال المولى : إذا قطعت بأن هذا الحكم ليس شرعيا فيحرم عليك اسناده للشارع ، فلو قطع المكلف بذلك ومع ذلك أسند الحكم للشارع فإنّه يكون عاصيا حتى لو انكشف انّ هذا الحكم مطابقا للواقع ، فإن مطابقته للواقع لا ينفي عن المكلّف المعصية ويصيّره متجريا ، وذلك لأن حرمة الإسناد انّما هي مترتبة على القطع وهو متحقق وجدانا كما هو الفرض وعليه تكون حرمة الاسناد ثابتة واقعا وعدم مطابقة المقطوع للواقع لا ينفي موضوعية القطع للحرمة ، وهكذا الكلام في الظن اذا كان موضوعيا.
وبهذا اتضح انّ القطع الموضوعي والظن الموضوعي وكذلك الاحتمال الموضوعي مما يترتب على مخالفتهما المعصية حتى لو لم يكن متعلقها مطابقا للواقع ، فالتجري انما يتصور في القطع والظن الطريقيين.
ثم انّ هنا حالة وقع الكلام في انّها داخلة تحت عنوان التجرّي أو انّها خارجة عنه. وهذه الحالة هي ما لو قامت الامارة أو المؤمن الشرعي على اباحة شيء فمن الواضح انحفاظ احتمال منافاة الاباحة للواقع فلو انّ المكلّف ارتكب هذا الفعل برجاء ان يكون حراما واقعا ، اي انّ الدافع من ارتكاب الفعل المباح ظاهرا هو رجاء ان يكون محرما في نفس الأمر والواقع.
مثلا : لو قامت البينة على انّ هذا المائع خلّ فشربه المكلّف برجاء أن يكون خمرا ، فهل انّ هذا المكلّف الجسور على المولى جلّ وعلا يعدّ متجريا وانّ الفعل الذي ارتكبه