وواضح انّه في حالات الاستثناء ـ اذا كانت الطبيعة مدخولة لأداة العموم ـ يكون الحكم الثابت للمستثنى منه منعقدا في العموم ولو بدوا ويكون مجيء أداة الاستثناء موجبا لنفي هذه الدلالة على العموم ، لأنّه يقتطع جزء من الطبيعة المدخولة للعموم ويفرد لها حكما منافيا للحكم الثابت للطبيعة في عقد المستثنى منه ، وهذا ما يوجب التنافي البدوي في داخل الجملة الاستثنائية إلاّ انّ هذا التنافي لا يبقى طويلا ، إذ يتنقح عند المتلقي للجملة الاستثنائية دلالة ثانية مستلهمة من سياق مجموع الجملة ، هذه الدلالة السياقية هي الموجبة لرفع التنافي الواقع بين عقد المستثنى منه وعقد المستثنى وكأنّه لا تنافي أصلا وانّما هو نحو من التفنّن في الكلام ، الغرض منه ابراز حكمين أحدهما ثابت لمدخول أداة العموم والآخر ثابت لمدخول أداة الاستثناء ، ويستقر المتلقي على هذه الدلالة ، وهذا هو مبرّر الالتزام بتقديم التخصيص بالمتصل في مثل هذه الحالة.
وبتعبير آخر : انّ موضوع الحجيّة للظهور هو الدلالة النهائية للكلام ، إذ لا معنى للتمسّك بما ينقدح بدوا من الكلام قبل تمامه ، ولما كانت الحالة السياقية القاضية بتضييق موضوع الحكم المدخول لأداة العموم واعطاء حكما منافيا للافراد المقتطعة عن الطبيعة هي الدلالة الاخيرة المستفادة من تمام الكلام فهذا يقتضي ان تكون الحجية ثابتة لهذا المقدار من الدلالة.
القسم الثالث : التخصيص بجملة مستأنفة إلاّ انّها متصلة بالجملة الاولى الدالة على العموم ، على ان تكون النسبة بين موضوع حكم العام وموضوع حكم المخصص هي نسبة العموم والخصوص المطلق.
ومثاله : ما لو قال المولى : « أكرم كل العلماء ولا تكرم العالم الفاسق ».
وفي هذا القسم بذلت محاولات