يكون كلا الحكمين مصيبين للواقع بل انّ ذلك هو المتحقّق خارجا.
والاول هو المعبّر عنه بالتخطئة والثاني هو المعبّر عنه بالتصويب ، والقول بالتخطئة هو مذهب الامامية ، وأما القول بالتصويب فهو مذهب جمع من الاشاعرة والمعتزلة على خلاف بينهما ، سيأتي ايضاحه تحت عنوان « التصويب الاشعري » و « التصويب المعتزلي ».
ومنشأ القول بالتخطئة عند الامامية هو ما ثبت بالنصوص الشرعية انّ لله عزّ وجل في كل واقعة حكم ، وأنّ أحكام الله عزّ وجل تابعة للمصالح والمفاسد في متعلقاتها ، وبهاتين المقدمتين يثبت القول بالتخطئة ، وذلك لأن الاحكام إذا كانت تابعة للمصالح والمفاسد في متعلقاتها ، مثل الحج والصلاة والصوم فإنّ منشأ ايجابها هو ما تشتمل عليه من مصالح واقعية ، وكذلك مثل شرب الخمر وأكل الميتة والكذب فإنّ منشأ تحريمها هو ما تشتمل عليه واقعا من مفاسد.
واذا كان كذلك فإنّ الاحكام وان كانت امورا اعتبارية إلاّ انّ لهذه الاعتبارات مناشئ واقعية ، وحينئذ لو صح ان تكون الصلاة واجبة ومحرمة لكان معنى ذلك انّ الصلاة في الوقت التي هي ذات مصلحة هي ذات مفسدة ، وهذا هو اجتماع الضدين المحال ، على انّه لو سلّم انّ أحكام الله عزّ وجل ليست تابعة للملاكات الكامنة في متعلقاتها فإنّ التصويب محال أيضا لاستلزامه اجتماع النقيضين أو الضدين ، وذلك لانّ كل واقعة فلله عزّ وجل فيها حكم ، فلو صوبنا ما ذهب اليه المجتهد من حرمة شيء وصوبنا ما ذهب اليه المجتهد الآخر من عدم حرمة ذلك الشيء أو وجوبه لكان معنى ذلك انّ الله عزّ وجل في الوقت الذي يعتبر انّ هذا الشيء حرام