نعم هي لا تقتضي التخيير أيضا إلاّ انّه القدر المتيقن من مفاد القرينة بعد دوران مفادها بين سقوط الخطابين وعدم سقوط كلا الخطابين بواسطة ثبوت الوجوب لهما تخييرا.
وذكر السيد الخوئي رحمهالله مثالا آخر نذكره ليتّضح المراد أكثر ، وحاصله :
انّه لورود خطاب شرعي عام وكان له اطلاق احوالي إلاّ انّه قامت القرينة الخارجية على خروج فردين من العموم ، الاّ انّ القرينة لا تتكفل ببيان نحو خروجهما ، وهل وانهما خارجان عن العموم مطلقا أو انّ خروجهما عن حكم العام بمعنى عدم صحة ترتيب حكم العام عليهما في عرض واحد ، وأما ترتيب حكم العام على أحدهما عند عدم ترتيب الحكم على الآخر فهو مما لا تنفيه القرينة.
فهنا يكون القدر المتيقن هو الثاني دون الاول ، مثلا : لو قال المولى : « أكرم كل العلماء » فإنّ هذا العموم له اطلاق أحوالي ، بمعنى انه يجب اكرام الفرد الاول حتى في حالة اكرام الثاني وهكذا يجب اكرامه حتى في حالة اكرام الاول والثالث ، فلو كانت هناك قرينة مقتضية لعدم وجوب اكرام زيد وخالد من العلماء إلاّ انّه لم يحرز نحو الخروج لهذين الفردين عن حكم العام ، وهل انّه لا يجوز اكرامهما معا أو انّه لا يجوز إكرام زيد في حالة اكرام خالد ، كما لا يجوز اكرام خالد في حالة اكرام زيد.
فإنّ مفاد القرينة يدور بين اخراج كلا الفردين عن حكم العام أو اخراجهما عن حكم العام تخييرا ، والقدر المتيقن من القرينة هو الخروج التخييري ، وذلك لأنّ القرينة لا تكشف عن أكثر من عدم إرادة الإطلاق الاحوالي في الفردين الخارجين فهي لا تثبت خروجهما معا عن حكم العام ، بمعنى انّه وان كنا نسلّم بأن مقتضى الاطلاق الاحوالي