مطلق من جهة امتثال الآخر أو عصيانه مستحيل لاستحالة طلب الجمع بين الضدين ، فالأمر بانقاذ الغريق الاول بنحو مطلق ، والأمر بانقاذ الغريق الثاني بنحو مطلق ـ رغم ضيق قدرة المكلّف عن امتثال الأمرين ـ مستحيل وإلاّ لزم التكليف بما لا يطاق ، وحينئذ لا بدّ من أحد علاجين ، إمّا البناء على سقوط الأمر بالمهم من رأس ، بمعنى انّ المكلّف مسئول عن امتثال التكليف بالأهم فحسب وليس مسئولا عن التكليف بالمهم سواء امتثل الأمر بالاهم أو لم يمتثله ، وأما الالتزام بتقييد الأمر بالمهم ، أي الالتزام بمسئولية المكلّف عن الأمر بالمهم عند عصيان الأمر بالأهم ، وهذا معناه سقوط الإطلاق عن الأمر بالمهم دون سقوط أصل الأمر به.
وتلاحظون انّ كلّ واحد من هذين الحلّين يرتفع معه محذور التكليف بغير المقدور ، إلاّ انّ الاول لا مبرّر له بعد امكان التفصّي عن محذور التكليف بغير المقدور بواسطة الحلّ الثاني.
وبتعبير آخر : يدور الأمر بين سقوط أصل الأمر بالمهم وبين سقوط اطلاقه ، ولا معنى للالتزام بسقوط أصل الأمر بالمهم بعد ان كان واجدا لملاك جعله ، وبعد امكان التفصّي عن محذور التكليف بغير المقدور بواسطة تقييد الأمر بعدم امتثال التكليف بالأهم.
ومن هنا يتعيّن سقوط الإطلاق عن الأمر بالمهم ، لأنّه القدر المتيقن الذي تقتضيه القرينة العقلية والتي هي استحالة التكليف بغير المقدور. وقد أوضحنا ما يتصل بهذا البيان تحت عنوان « التخيير العقلي الشرعي ».
وبهذا يتمحض البحث في الترتب عن إمكانه وامتناعه ، وقد اختلف الأعلام في ذلك ، ونسب السيد الخوئي رحمهالله الى الشيخ الانصاري رحمهالله