تكون فعلية التكليف بالمهم منوطة بعصيان التكليف الأهم.
ثم انّ مورد الأمر الترتبي هو حالات التزاحم وضيق قدرة المكلّف عن الجمع بين التكليفين وإلاّ فلو كان المكلّف قادرا على الجمع بين التكليفين في عرض واحد فلا معنى للأمر الترتبي ، وليس المقصود من ضيق قدرة المكلّف عن الجمع بين التكليفين هو ضيق القدرة عن امتثال أحدهما حتى في طول الآخر بل انّ الترتب يتصوّر حتى في حال قدرة المكلّف على الجمع بين التكليفين طوليا اذا كان عاجزا عن الجمع بينهما في عرض واحد ، كما في الواجب الموسع والمضيق ، فلو وقعت النجاسة في المسجد عند زوال الشمس فإنّ هنا يمكن تصوير الأمر الترتيبي ، بأن يقال انّ فعلية الأمر بالصلاة ـ والذي هو الواجب الموسع ـ مشروط بعدم امتثال الأمر بالإزالة ، وهذا بخلاف الأمر بالإزالة فانّه مطلق من جهة امتثال الأمر بالصلاة أو عدم امتثاله. فمورد الأمر الترتبي هو ضيق قدرة المكلّف عن الجمع بين التكليفين المتضادين ـ بنحو الضد الخاص ـ في عرض واحد.
وباتضاح ذلك نقول : انّ البحث عن الترتب انما هو عن امكانه وامتناعه ، بمعنى انّ البحث عنه بحث ثبوتي ، وواضح انّه لو ثبت امتناعه فإنّه لا تصل النوبة للبحث الإثباتي انما الكلام فيما لو ثبت امكانه فقد أفاد السيد الخوئي رحمهالله انّ ثبوت الامكان للأمر الترتبي كاف في ثبوت وقوعه بلا حاجة الى تجشم عناء البحث الإثباتي ، وذلك يتّضح بهذا البيان :
إنّ افتراض مسئولية المكلّف عن تكليفين يعجز عن الجمع بينهما في عرض واحد مستحيل لاستحالة التكليف بغير المقدور ، أو قل انّ الأمر بالضدين بنحو يكون كلّ واحد منهما