المعقول ان تكون كلا الروايتين صادرتين لبيان الحكم الواقعي ، فلا بدّ وان تكون احداهما صادرة تقيّة أو انها غير صادرة ، ولمّا كان عدم الصدور ينافي اعتبار السند ووثاقة جميع رواته فيتعين صدور احداهما تقيّة ، ولمّا كان الأقرب للتقيّة هي الرواية الموافقة لروايات العامة تعين عدم صدورها لبيان الحكم الواقعي ، وهذا ما يوجب سقوطها عن الحجيّة.
وبهذا اتّضح المراد من الترجيح بالتقيّة وانّه عبارة عن ترجيح الرواية المنافية للتقيّة أو غير المناسبة لها في مقابل الرواية المناسبة للتقيّة.
ثمّ انّ الترجيح بالتقيّة هل يختص باتفاق موافقة احدى الروايتين لروايات العامة ـ كما هو مقتضى معتبرة الراوندي ـ أو تشمل الموافقة لفتاوى العامة المستندة لغير الروايات كالمستندة للقياس أو الاستحسان.
الظاهر من كلمات الفقهاء ان الترجيح بالتقيّة لا يختص بموافقة احدى الروايتين المتعارضتين لروايات العامة بل يشمل الموافقة لفتاواهم المستندة لمدارك اخرى غير الروايات ، وذلك بمقتضى اطلاق بعض الروايات كمقبولة عمر بن حنظلة ، على انّ ذلك هو مقتضى مناسبات الحكم والموضوع ، إذ انّ المستظهر من روايات الترجيح بالتقيّة انّ ذلك ليس حكما تعبديا صرفا بل انّه نشأ عن الظروف التي اكتنفت عصر النص ، حيث كان العامة ذووا شوكة واقتدار فتكون مناوئتهم واظهار ما ينافي متبنياتهم مسوغا لإساءتهم أو لا أقل استيحاشهم والذي قد يترتب عليه التشنيع والتوهين ، وقد تفضي مخالفتهم للوقوع في الضرر والذي كان يحرص أهل البيت عليهمالسلام على التحفظ من ايقاع شيعتهم في محذوره.
واذا كان هذا هو الملاك للترجيح