أحدهما على شيء من الآخر ، ومن هنا يستحيل اجتماعهما ، أي تصادقهما على موضوع واحد من جهة واحدة وفي زمان واحد وان جاز ارتفاعهما عنه ، بمعنى انسلابهما معا عن الموضوع.
ويمكن التعرّف على علاقة التضاد بين عنوانين بواسطة ما ينشأ عن ملاحظتهما من قضايا ، فإن كانت ملاحظتهما منتجة لقضيّتين سالبتين كليتين يكون موضوع احداها أحد العنوانين ومحمولها العنوان الآخر ، وموضوع الثانية العنوان الثاني ومحمولها العنوان الاول كان معنى ذلك انّ العنوانين متضادّان.
مثلا : لو كان العنوانان اللذان نبحث عن علاقتهما هما الاسود والأبيض فإنّ ما ينحل عن ملاحظتهما هو قضيتان سالبتان كليتان ، فيقال : « لا شيء من الاسود أبيض » ، ويقال : « لا شيء من الابيض أسود » ، فنلاحظ انّ موضوع القضيّة الاولى هو محمول القضيّة الثانية كما انّ محمول القضية الاولى هو موضوع القضية الثانية.
ثم انّ هنا أمرين لا بدّ من الإشارة اليهما :
الأمر الاول : انّ العلاقة بين المفاهيم ـ بالحمل الأولي ـ دائما تكون بنحو التضاد حتى وان كانت العلاقة بينهما بالحمل الشائع هي علاقة التساوي ، كما في مفهومي الإنسان والناطق ، فإنّ العلاقة بينهما بالحمل الشائع هي علاقة التساوي إلاّ انّهما في عالم المفاهيم متضادان ، وذلك يتّضح بواسطة الضابطة التي ذكرناها للتعرّف على علاقة التضاد ، فمفهوم الإنسان بقطع النظر عن وجوده الخارجي لا يلتقي مع مفهوم الناطق ولو بنحو الموجبة الجزئية.
الأمر الثاني : انّ استحالة اجتماع الضدين من القضايا الأوليّة البديهيّة ، والتي يكفي في الإذعان والتصديق بواقعيتها مجرّد تصوّر طرفيها والنسبة