مصاديق الحجّة ، باعتبار ان حجيّته ذاتيّة إلاّ انّه ليس المصداق الوحيد الصالح لنقض اليقين السابق ، وعليه تكون الأمارة المعتبرة أيضا ناقضة لليقين السابق ، وهذا معناه انّها كاليقين من حيث إلغاء موضوع الاستصحاب حقيقة ، وذلك لأنّ موضوع الاستصحاب هو اليقين السابق وعدم قيام الحجّة على انتقاضه ، ومع قيام الأمارة الحجّة ينتفي موضوع الاستصحاب.
وبتعبير آخر : انّ موضوع الاستصحاب هو اليقين السابق مع عدم قيام الحجة على انتفاضة ، فإذا قامت الأمارة ـ والتي هي حجة حقيقة بالتعبّد ـ انتفى موضوع الاستصحاب ، وهذا هو معنى الورود.
وأمّا دعوى تقدم دليل الأمارة على الاستصحاب بالحكومة فلأنّ دليل الأمارة انّما يتصرّف في موضوع الاستصحاب فيضيّق من دائرته تعبدا ، فدليل الاستصحاب مفاده جريان الاستصحاب عند الشك في بقاء الحالة السابقة المتيقّنة أمّا دليل الأمارة فيتصرّف في موضوع الاستصحاب ويقول انّه في مورد قيام الأمارة لا شك في البقاء ، فلا صلة لدليل الامارة بالحكم المجعول في مورد الشك.
وبتعبير آخر : انّ دليل الأمارة يلغي موضوع الاستصحاب تعبّدا ويقتضي ان لا شك في مورد قيام الأمارة ، وبه يكون الاستصحاب غير جار لانتفاء موضوعه تعبّدا ، فهو مثل قوله عليهالسلام « لا ربا بين الوالد وولده » ، فإنّ هذا التعبير لا يتصرّف في الحكم بحرمة الربا ، وانّما يتصرّف في موضوع الحكم وهو الربا ، فيضيّق من دائرته ويخرج منها الربا بين الوالد والولد ويعتبره ليس من الربا ، ومن هنا ينتفي الحكم بالحرمة لانتفاء موضوعه تعبدا.
* * *