المنافاة بينهما أو انّ التعارض بينهما مستحكم ، وعليه يكون المرجع هو أحكام باب التعارض.
والمعروف بين العلماء انّ حالة من هذا القبيل تكون موردا للتعارض البدوي الذي يكون علاجه بواسطة الجمع العرفي. وقد وجّهت هذه الدعوى بما حاصله :
انّ العموم لمّا كانت دلالته على الاستيعاب والشمول وضعية فظهوره في ذلك يكون تنجيزيا ، بمعنى انّه غير منوط بشيء آخر غير ما يقتضيه الوضع اللغوي لألفاظ العموم. وأما الاطلاق فظهوره في الاستيعاب والشمول منوط بتمامية مقدمات الحكمة ، والتي منها عدم وجود قرينة صارفة للكلام عن الاطلاق ، فظهوره إذن في الإطلاق تعليقي أي معلّق على مقدمات الحكمة ، وحينئذ يكون المقدم في المقام هو العموم ، إذ انّه قرينة على عدم إرادة الإطلاق جدا أو لا أقل ان العموم صالح للقرينيّة على عدم إرادة الإطلاق ، فتكون النتيجة هي وجوب اكرام العلماء حتى الفساق ، ويكون مفاد الدليل الآخر « المطلق » هو حرمة اكرام الفساق من غير العلماء.
إلاّ انّ الشيخ صاحب الكفاية رحمهالله لم يقبل بهذه الدعوى وذهب الى استحكام المعارضة في مادة الاجتماع ، وقرّب ذلك بأنّ الاطلاق وان كان انعقاده معلّقا على تماميّة مقدمات الحكمة والتي منها عدم وجود ما يصلح للقرينية إلاّ انّ ذلك ليس للأبد وإلاّ لم ينعقد اطلاق أصلا ، وذلك لاحتمال وجود قرينة لم يتم العثور عليها. والمتحصل انّ الظهور في الاطلاق ينعقد بمجرّد انتهاء المتكلم من كلامه مع عدم نصب قرينة على عدم إرادة الإطلاق جدا وعدم وجود قرينة لبيّة محتفة بالكلام بحيث تصلح لأن يتكل عليها المتكلم في مقام البيان.