فالعلاقة بين الإطلاق والتقييد هي علاقة العدم والملكة ، وذلك لأنّ هذا النحو من العلاقة يعني التقابل بين الوجود والعدم في مورد تكون له قابليّة ذلك الوجود ، فإذا افترضنا أنّ الإطلاق يعني عدم لحاظ القيد في مورد قابل للتقييد بمعنى لحاظ أخذ القيد فإنّ نتيجة ذلك هو أنّ العلاقة بينهما هي علاقة العدم والملكة. والثمرة التي يمكن تحصيلها من المباني الثلاثة هي أنّه بناء على مبنى التضادّ لا تكون استحالة التقييد منتجة لاستحالة الإطلاق ، لأنّ افتراض كون العلاقة بينهما هي التضادّ معناه أنّ الإطلاق والتقييد أمران وجوديّان فمن الممكن وجود أحدهما عند استحالة الآخر عينا كما هو الحال بالنسبة للبياض والسواد ، فإنّ استحالة وجود السواد لشيء لا يلازم استحالة وجود البياض له.
وكذلك لا يكون ـ بناء على التضادّ ـ امتناع التقييد مقتضيا لتعيّن الإطلاق ، وذلك لأنّ الضدّين يمكن ارتفاعهما ، عينا كما هو الحال بالنسبة للسواد والبياض فإنّه من الممكن حين استحالة أن يكون الشيء أبيضا أن لا يكون أسودا أيضا بأن يتّفق كونه أخضرا.
وبذلك اتّضح أنّ استحالة تقييد الحكم بالعلم به لا يقتضي ضرورة تعيّن الإطلاق كما لا يقتضي استحالته ، فمن الممكن أن يكون الحكم مطلقا من جهة العلم به وأن لا يكون مطلقا من هذه الجهة.
وأمّا بناء على مبنى التناقض فإنّ استحالة التقييد تنتج ضرورة تعيّن الإطلاق ، وذلك لأنّ المتناقضين يستحيل ارتفاعهما ، فإذا كان التقييد مستحيلا كان الإطلاق ضروري الثبوت حتّى لا تخلوا الواقعة من الوجود والعدم.
ولذلك كان استحالة تقييد الحكم بالعلم به مقتضية ـ بناء على التناقض ـ