المعنى الاول : التقيّة بالمعنى الأعم : وهي التحفّظ عن كلّ ما يوجب عدم التحفّظ عنه الوقوع في الضرر يقينا أو احتمالا عقلائيا سواء كان هذا الضرر المخوف مرتبطا بالحوادث الكونيّة ، كالجلوس تحت جدار يريد أن ينقضّ أو تناول السموم ، فإنّ التقيّة عن الحوادث الكونيّة يكون بالتحفّظ عن تعريض النفس ـ أو ما يتّصل بها ـ لمضاعفات هذه الحوادث ، أو كان الضرر المخوف مرتبطا بالانسان كالسلطان الجائر أو القوي الأحمق بقطع النظر عن متبنياته ودينه ومذهبه ، فإنّ التقيّة من هؤلاء يكون بالتحفّظ عن الإساءة إليهم.
ثمّ انّ الضرر المخوف قد يكون من قبيل الضرر المتّصل بالنفس وقد يكون متصلا بما يتعلّق بالنفس من المال والعرض ، وقد يتّصل بالقرابة القريبة ، وقد يرتبط بالمؤمنين ، كما قد يكون الضرر المخوف مرتبطا ببيضة الإسلام أو كيان المسلمين أو مقدّراتهم أو مقدّساتهم.
المعنى الثاني : التقيّة بالمعنى الأخص وهي التقيّة من أبناء العامة ، وذلك بواسطة العمل على وفق ما تقتضيه متبنّياتهم ، والقول بمقالتهم ، والتقيّة بهذا المعنى لا تتحقق إلاّ في حالة تكون تلك المتبنيات والأقوال منافية للواقع ، وأمّا موافقتهم لاتّفاق مطابقة ما يبنون عليه للواقع فليس هذا من التقيّة.
وهل التقيّة بهذا المعنى متقوّمة بخوف الضرر كما هو الحال في التقيّة بالمعنى الأعم ، الظاهر من كلمات الفقهاء عدم تقومها بذلك ، ولو كانت متقوّمة بالضرر فهو مسمى الضرر والذي يتحمّل عادة أو يكون احتمال وقوعه ضعيفا أو كان احتمال وقوعه قويا ولكن على المدى البعيد ، ففي تمام هذه الموارد يكون اظهار الموافقة من التقيّة بالمعنى الأخصّ.