وجوب الشيء واستحبابه فهل الاحتياط في هذه الصورة ممكن لو كان مورد الشك من سنخ الامور العبادية أو انّ الاحتياط غير ممكن؟
قد يقال بعدم الإمكان ، وذلك لتعذّر قصد الوجه في المقام ، إذ لا يتأتى للمكلّف قصد الاستحباب أو الوجوب لافتراض الشك فيما هو سنخ المطلوب المتوجّه اليه ، وهل هو الوجوب أو الاستحباب ، فقصد أحدهما تشريع محرّم.
والجواب عن هذا الإشكال مبني على عدم اعتبار قصد الوجه ـ أي قصد سنخ الطلب من وجوب أو استحباب ـ وعندها ينتفي المحذور من الاحتياط ، وهذا هو ما استقرّ عليه المحققون وانّ امتثال الاوامر العبادية ليس منوطا بأكثر من قصد التقرب للمولى جلّ وعلا ، وقصد التقرب للمولى في هذه الصورة ممكن بلا ريب بعد احراز الأمر المولوي الأعم من الوجوبي والاستحبابي.
الصورة الثانية : ما لو دار الأمر بين الوجوب والإباحة أو بين الاستحباب والإباحة. والإشكال على امكان الاحتياط في هذه الصورة ينشأ عن عدم امكان قصد الأمر المولوي ، وذلك لعدم إحرازه اذ من المحتمل ان يكون الواقع هو الاباحة وعندئذ إما ان يأتي بالفعل المردد بقصد الأمر وحينها يكون مشرّعا ، لأنّ البناء على الوجوب او الاستحباب مع عدم الجزم به من أنحاء التشريع المحرّم ، وان أتى بالفعل دون قصد الأمر فهذا ليس من الاحتياط بشيء ، وذلك لأن الاحتياط يعني التحفّظ على الواقع بحيث يحصل الجزم بعد الاحتياط بالاتيان بالواقع لو كان ، والحال انّه في الفرض الثاني ليس كذلك ، إذ لو كان الواقع هو الوجوب أو الاستحباب فإن المكلّف لم يأت به ، لأن امتثال الواجب العبادي وكذلك المستحب