ولو قرنا بهذه القرائن اصرار النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على عدم ادخال أحد مع هؤلاء الأربعة مع صغر سن ثلاثة منهم قياساً لوجود غيرهم من الأقارب والأصحاب ، وهو أمر سنراه يتكرر في آية التطهير ، مع وجود من له خاصية قريبة منه كزوجاته وجعفر بن أبي طالب وعمّاته وغيرهم ، لرأينا أن القضية بكل تفاصيلها متعلّقة بشرط ربّاني مرتبط بصورة مباشرة مع المؤهلات الذاتية المتعلّقة بهؤلاء الأربعة دون سواهم ، وهو ما نلمحه واضحاً في حديث الآية الكريمة عن صيغة الملاعنة : (فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) فلو لا الصدق الذي يتملّك هؤلاء لما كان الأمر الإلهي بهذه الصيغة ، فأي حكيم يطلب من فاقد الشرط التحاجج ضد الآخرين بما يفقده؟! ولما بادر هؤلاء مبادرة المختار ، فأي عاقل يقبل بملاعنة ستؤول نتائجها عليه في كل الحالات؟!
وهو أمر يمكننا ملاحظته مرة أخرى في طبيعة التقابل بين المتلاعنين التي طرحها القرآن الكريم ، فوضعه الأبناء مقابل الأبناء والنساء مقابل النساء ، يظهر قابلية هؤلاء في أجواء التحدّي الجدية التي وسمت الحدث ، على القيام بشأن المباهلة وتحقيق أغراضها التامة ، في حال طلب الطرف الآخر أن يخرج الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم من دائرة الملاعنة ، (١) فيقابل الحسنان عليهماالسلام
____________________
= الجوزي عن الشعبي «زاد المسير ٣٣٩ : ١» ، أو أنها القرابة كما ذهب إلى ذلك القاضي عبد الجبّار الهمداني من المعتزلة نقلاً عن أبي هاشم. انظر المغني ٢٠ : القسم الأول ص ١٤٢ ، والآلوسي من غيرهم في روح المعاني ١٨٩ : ٣.
أما إن تعلّق الأمر باستدلالنا بالآية على بنوة الحسن والحسين عليهماالسلام للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم منعوا القول بالنفس الرحمية ، وهربوا منها إلى القول بأن البنوة تعني بنوة الدين والملّة!! مستدلّين بقول الشاعر :
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا |
|
بنوهنّ أبناء الرجال الأباعد |
ولربك في إبراز جهل الطائفية شؤون!!
(١) حاول محمد حسين فضل الله أن يثير الشك أمام هذه الحقيقة مشيراً إلى امكانية : =