هذا إذا ما استثنينا الكثير من صحاح الأحاديث عند القوم في شأن وجوب حبّه وحرمة بغضه ، أن حبّه حبّ لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أن بغضه بغض لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والأحاديث في هذا المجال فوق الاحصاء في كتاب كهذا ، نترك الحديث عنها لأي كتاب في المناقب والفضائل.
٦ ـ أما عكرمة فالأمر فيه أهون من غيره ، وإن سمّاه الذهبي وغيره : من أوعية العلم وثقات العلماء (١)! فإنهم أنفسهم رووا من فضائحه الشيء الكثير ، وكفى بذلك حجة عليهم ، ومن هذه الفضائح اتهام عدد كبير من أعلامهم إياه بالكذب وعدم الثقة ، واتفاقهم على إنه كان من غلاة الخوارج الذين كفّروا جميع المسلمين ، وانه كان قليل العقل ، ولا يحسن الصلاة ، بل لا يصلي ، وتمنيه أن يكون في موسم الحج وبيده حربة فيضرب بها يميناً وشمالاً ، وانه كان يستمع إلى الغناء ، ويلغب بالنرد ، وغير ذلك الشيء الكثير ، أما في شأن كذبه فيكفيه أنه أصبح مضرب مثل في الكذب ، في الأقل لدى اثنين من أئمة القوم هما عبد الله بن عمر ، وسعيد بن المسيب فقد جعلاه مثلاً يحذرون به خادميهما نافعاً وبرداً منه ، إذ نسمع قول ابن عمر لنافع مولاه : اتق الله ويحك يا نافع ، ولا تكذب علي كما كذب عكرمة على ابن عباس!! وتحاشي أمثال مالك ومسلم المروزي من الرواية عنه ، وتضافرهم على نقل تقييد علي بن عبد الله بن عباس إيّاه بباب الحُش (٢) لأنه كان يكذب على أبيه ، وتحدّثهم عن أنه حين مات يقم لجنازته أحد. (٣)
____________________
= ١٠٩ : ٣ ، والخوارزمي في المناقب : ٣٢٦ ح ٣٣٦ ، والذهبي في تذكرة الحفاظ ٦٧٣ : ٢ ، وابن عبد البر في الاستيعاب ٣٧ : ٣ ، والشبلنجي في نور الأبصار : ١٣٨ ، وابن طولون في الشذرات الذهبية : ٥٥ ـ ٥٦.
(١) انظر ميزان الاعتدال ٩٣ : ٣ رقم ٥٧١٦.
(٢) الحُش : الكنيف وهو الموضع الذي يقضي فيه الإنسان حاجته.
(٣) أنظر ترجمته في ميزان الاعتدال ٩٣ : ٣ ـ ٩٦ رقم ٥٧١٦ ، وتهذيب التهذيب ٧ : ٢٣٤ ـ ٢٤٢ رقم ٤٧٦.