وأسوأ من تضافرهم على الرواية عنه ، هو تبريرهم لهذه الرواية وما خالفوا به حتى أئمتهم ، فلقد قال الذهبي وغيره : تكلم فيه لرأيه لا لحفظه ، فاتهم برأي الخوارج!.
ولعمري ليس ذلك من الذهبي بغريب ولا بعجيب ، فله مع الكثير من النواصب حال من التوثيق كهذا ، وله مع محبي علي عليهالسلام شأن معاكس ، ولكن أتراه تناسى حكم الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في شإن من يكفّر المسلمين؟ وتناسى بأن من لا يؤمن عليه في الدين لا يؤمن عليه بشيء آخر؟ وتناسى بأن المستمع للغناء مستمع لقول الزور ، وأن من يستمع قول الزور كيف يمكن تصحيح قوله؟ ولقد كان حرياً به الاحتياط في الأقل لكثرة من يتهمه بالكذب! هذا ، ولا نثقل على أمثاله لنذكّرهم بأحاديث حب الإمام علي عليهالسلام وبغضه ، وأغلبها من صحيح ما يسمّونه بالسنة والأثر!.
وقد نسب الجوزي القول إلى مقاتل بن سليمان ، وابن السائب ، وابن جبير عن ابن عباس ، (١) أيضاً ، وهو ليس بأحسن حالا من الكلام المتقدّم ، فابن عباس كما علمنا له رواية مناقضة لذلك ، وقوله هنا يسقط في الأقل من جهة تعارضه مع نقيضه ورواية ابن جبير كما عرفت طريقها مرفوع مما يسقطها سنداً على الأقل ، وأما ابن السائب فهو الآخر له رواية مناقضة إذ يخصّها بالخمسة من أهل الكساء ، وأمره كأمر ابن عباس ، وأما مقاتل بن سليمان البلخي فهو مذموم جداً في نفس كتب القوم الرجالية ، (٢) ويكفيه في
____________________
(١) زاد المسير في علم التفسير ١٩٨ : ٦.
(٢) هكذا وصفوه في كتبهم ، فقال عنه الجوزجاني : دجال جسور. أحوال الرجال : ٢٠٢ رقم ٣٧٣.
وقال البخاري : لا شيء البتة ، التاريخ الكبير ١٤ : ٨.
وقال ابن أبي حاتم : صاحب التفسير والمناكير ، ونقل عن وكيع قوله عن تفسيره : لا تنظر فيه ، ووصفه بالكذب ، ونقل عن يحيى بن معين قوله : ليس حديثه بشيء. =